ڤيروس كورونا يُغيّر طريقةَ عملِنا، وربما للأبد
تقدَّم ما يقارب مليون شخص في كندا بطلبٍ للحصول على تأمين وظيفي، ويتوقع المحللون أن طلبات إعانة البطالة المتعلقة بڤيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية قد تتجاوز ثلاثة ملايين، وأن فقدان الوظائف هو أحد الآثار العديدة لكوڤيد-19 على العمل والعمال.
وتتعاقب هذه الآثار إلى أبعد من تسريع حركة العمل من المنزل الحالية. وقد تستمر بعض هذه التغيرات إلى ما بعد انتهاء هذه الجائحة. وفي خضم كوڤيد-19 والإجراءات التي تُتخذ للسيطرة عليه، فإن العديد من الموظفين لا يؤدون أعمالهم فحسب، بل يغيّرون روتين عملهم.
ألغى ڤيروس كورونا المهام التي يؤديها بعض الموظفين عادةً، فليس هناك عملاء لاستشارتهم، ولا رحلات لحجزها، ولا طلاب لتدريسهم، ولا حفلات موسيقية لأدائها وتنظيمها، ولا منتجات لتوصيلها، ولا بيانات جديدة لإدخالها.
تقليل المناصب الوظيفية هو أحد ردود الفعل المحتملة لهذا التحول. وغير ذلك أن يعيد الموظفون مع مديريهم وزملائهم ترتيب مهامهم وتحمّل مسؤوليات مختلفة.
فالعديد من المهام التي يؤديها الموظفون الآن لم يتخيلوا تأديتها قبل أسابيع. أصبح الناس مديرين للأزمات ومراقبين للنظافة ومنسقين للعمل من المنزل.
وفي هذه الأثناء، على موظفي المكاتب الحكومية المجتاحة والمستشفيات ومحلات البقالة وكذلك الذين يعملون بعيدًا في سلاسل الإمدادات أن يجدوا طرقًا جديدة للعمل تسمح لهم بالسيطرة على انقضاض المسؤوليات المهنية التي يواجهونها الآن.
ستشهد الشركات الناشئة تداعيات أعمق
في حين أن هذه الآثار منتشرة على نطاق واسع، فمن المرجح أن تكون ذات وقعٍ أكبر على موظفي المشاريع الصغيرة وخاصةً الشركات الناشئة. فبعد التراجع الناتج عن ڤيروس كورونا في الأسواق المالية، يواجه المستثمرون المبتدئون الآن ضغوطًا جديدة ويمررونها إلى رواد الأعمال الذين يمولونهم.
فقد وجّه المستثمرُ الرئيسي المديرَ التنفيذي لإحدى الشركات الناشئة التي كنتُ أدرسها لخفض التكاليف بنسبة 50 في المئة. وفي الوقت نفسه، يُغلق مكتبًا ويتولى ملكية المنتج ويعمل على تحفيز العاملين في المناصب الرئيسية والمحافظة عليهم، معزِّزًا إحساس التماسك الاجتماعي، ويعمل على هذا كله بينما يخطط استراتيجية مبيعات لسوقٍ في حالة تغير مستمرة.
ويفعل كل هذا من المنزل بينما يدرِّس طفلين في المنزل أيضًا. لم يتوقع أبدًا أن تمر به أيام بهذا النمط قبل هذه الجائحة، ولكن هذا يُمثل مدًّا جديدًا.
لا تنتهي التحولات التشغيلية لهذه الشركة الناشئة بسبب كوڤيد-19 بعمل المدير التنفيذي، فقد أُعِدَّ الموظفون في شركته بعدة طرق، مع وجود ثلاثة مكاتب موزعة حول العالم وسياسة قائمةٍ تُشجع على العمل من المنزل من حين لآخر، فلم يكن عقد المؤتمرات عبر الڤيديو والعمل عن بعد أمرين جديدين.
ولكن جميع موظفيه المتبقين الآن يغيرون عادات عملهم في الوقت الذي يحاولون فيه العثور على طريقة لمحاكاة الممارسات اليومية، مثل مقابلات العمل وجهًا لوجه والاتصال غير الرسمي.
ماذا الآن؟
وبالمثل، يُغير الموظفون في المؤسسات الأكثر استقرارًا من روتين عملهم أيضًا. فقد تحول شأن منسقة فنية لأوركسترا أعرفها من توقع تخصيص 90 ساعة أسبوعيًا في إدارة الخدمات اللوجستية لسلسلة من الحفلات الموسيقية إلى قائمة فارغة تقريبًا، مع يقين طفيف بشأن العمل الذي يجب عليها تأديته الآن.
فبدأت بالكشف عن ترتيبات حفلات الأسبوع، ثم أعادت جمعها. وتحولت إلى العمل على الموجة القادمة من الحفلات الموسيقية، ولكن سرعان ما أُلغيت. ثم انتقلت إلى التخطيط لبرمجة العام المقبل، ولكن ذلك لم يكن كافيًا لملء جدول أعمالها.
وفي نهاية المطاف، عَرضت خدماتها لمساعدة قسم التسويق في الترجمة القصيرة والتحرير، وضاعفت جهودها المبذولة لبدء مسابقة في التأليف السيمفوني التي ستساعد الفنانين الذين تضررت سبل عيشهم بسبب ڤيروس كورونا.
وحَصل في جامعتي مثل ما حصل في باقي الجامعات؛ انتقل التدريس من القاعات الدراسية إلى التعليم عن بعد. والآثار المتتابعة بعيدة المدى.
ويُجاهد المدرسون في نقل المواد الدراسية، ويقود اختصاصيُّو التعلم فرق العمل وورشه لتسهيل عملية النقل، ويُوّجه المدرسون الذين لديهم خبرة في التعليم عن بعد من ليس لديه خبرة.
وفي غضون ذلك، يعمل الباحثون على إيجاد طرق للعمل على أبحاثهم من المنزل.
أعمال إعادة الهيكلة
تشير الأبحاث إلى أن إنشاء هياكل عمل على عجلة ليس أمرًا غير معتاد. توفر الأحداث المختلفة غير المتوقعة – التقنيات الجديدة واللوائح والنزاعات العمالية – وغيرها من المفاجآت والمشكلات اليومية مناسباتٍ لإعادة هيكلة العمل، ولكن هذه الأحداث لا تأتي مع توجيهات واضحة حول كيفية تنظيم هذا العمل.
وبعد هذه الصدمات، يجاهد أولئك الموجودون على أرضية المتجر أو في المختبرات أو في الإدارة لإعادة ترتيب العمل، وأحيانًا تصبح عمليات إعادة الترتيب هذه دائمة.
على سبيل المثال، ذكرت في بحثي أنه بعد إدخال تقنية تسلسل الحمض النووي الآلي الجديدة، استقر العمل في أنماط مختلفة عبر سلسلة من المختبرات، فقد أنشأ الذين يستخدمون المعدات الجديدة يوميًا نماذج لترتيبات العمل.
يوفر ڤيروس كورونا متطلبًا آخر لإعادة هيكلة طريقة عملنا، ويبقى أن نرى متى ستسقر المهام وكيف، وما إذا كانت هذه التغيرات ستضر الموظفين أم ستساعدهم.
بقلم: ليزا كوهين | ترجمة: نورة الدريهم | تدقيق: عهود المخينية | المصدر