لماذا يعتبر دافينشي عبقريا، وقد كان مثلي ومثلك؟
ليوناردو دافينشي هو شيكسبير الفن. علما أن كليهما يعتبران من عمالقة الإبداع، اللذان عاشا قبل قرون مضت، ولكنهما ما يزالان باقيان في مخيلتنا المعاصرة كأنهما مرشدونا الدائمين. دخولاً بأسخن أسبوع لمسرحيات شكسبير بهذا الأسبوع، أنا أخيرا شاهدت مايكل فاسبر وهو في ماكبث. حيث لاحظت أن النص مقصوص بشراسة، ولكن العمل كان ناجحا بقوة حتى ونحن بهذا الزمن. تكون هذه الأعمال، مثل أعمال ليوناردو، هي المكتسحة للمنافسة حتى في سنة ٢٠١١. ليس واحد، بل اثنين من معارض ليوناردو افتتحا في لندن هذا الأسبوع. وفي المعرض العلمي في لندن، تم تحضير قائمة مذهلة من اختراعاته التي سيتم إعادة إنشائها، من آلاته الطائرة، وعرباته المدرعة، و ساعاته المنبهة و أنظمته الهيدرولوكية، التي تم رسمها كلها في كراساته بجمال أخاذ. وفي نفس الوقت، في معرض لاينق في نيو-كاسل، سترى أعظم لوحاته المميزة، التي أضاءت لنا رؤية نافذة داخل أعتى العقول البشرية. فما الذي لدى شكسبير و لياناردو الذي يفتقده باقي علماء وفناي عصر النهضة؟ ولماذا لم نكن بهذا الحماس لأعمال رفايّل او إيدمون سبينسر؟ يكمن الجواب في حقيقة أنهما فنانا الشعب، اللذان لم يذهبنا لجامعات، ولم يفرزا ثقافة الطبقة النخبوية لفنون الإنسانيات، بل كانت أذهانهما الفطنة تمارس التعلم الذاتي بطرق عديدة. و لقد تبنا الثقافة الشعبية، وطرق تفكيرهما أصبحت متناغمة مع المجتمع، وهذا ما يجعلهما معبران عن العصر الديموقراطي. لقد انطلق عصر النهضة من مفكرين أعادوا اكتشاف النصوص الرومانية واليونانية التي تحوي حكما من مؤلفين غير نصرانيين؛باعتبارهم غير ملتزمين بالدين الأوروبي السائد، فلقد أتاح ذلك لهم الاطلاع للعالم بنظرة غير معهودة. ولكن للعلم، إنه كان لليوناردو منفذا واحدا للمناخ النخبوي في التعليم، وهو الرسام الذي كان يوجهه في العصر الخامس عشر في فلورينس. فلقد أبلغه عن ضرورة تكوين خلفية معرفية عن قصص المثالوجيا، ليوظفها في رسوماته، و لا توجد ضرورة لاكتساب اللغة اليونانية واللاتينية لذلك. ولكن ليوناردو علم نفسه اللاتينية مع أمور أخرى كثيرة، لأجل هذا المجال. كان يشاهد البنائين ويدرس ميكانيكية أذرع الرافعات، ويكلم المحاربين عن آخر تصاميم الأسلحة، و يتأمل كيفية طيران الطيور. هذا الأسلوب من التعليم الذاتي بدأ منذ صغره واستمر طيلة حياته. لم تكن أعظم إنجازاته هي حفنة من لوحاته التي تبقت لدى البشرية، بل ملاحظاته و رسوماته التي كان يكتشف العالم فيها. الكراسات التي تظهر لنا التصاميم الأصلية التي تحتوي على نماذج آلاته قد تبدو كتب حكمة سرية، ولكنها هي أجمل من ذلك، هي مخطط رحلة عمر من البحث والتعلم. شكسيير يشابهة ليوناردو. فإن أغلب معلوماته هي من مجهوده الذاتي، من كتب قرأها و من حوارات مع زملائه مثل كريستوفور مارلوي (الذي يرجح بأنه أبلغه عن صديق ليوناردو القديم ميكافيلي)؛ و فوق هذا كله، كان كلاهما يطلعان على العالم بتأمل. وكان ليوناردو يستمع لكلام الناس بالشارع، فإن ديموقراطية خيال شيكسبير هي بمثل درجة ليوناردو بلا نزاع. و ليونادرو شخصية ذات طابع عالمي مثل هاملت ؛الشخصية الوهمية من أعمال شسكبير، الذي كان له عقل لا ينكفئ و لا يخمد عن التساؤلات اللانهائية حين قال ” كم هو الإنسان تحفة؟”
بقلم | جونثن جونز | المصدر