العلوم التطبيقيةتكنولوجيا

كيف تصيح الحيوانات ؟

بينما يستطيع البشر إذاعة صوتهم بنسبة 1% من كتلة هوائهم، تستطيع بعض الحيوانات والثديات الوصول لنسبة 100% من خلال تسخير قدرتهم على مضاعفة نسبة صوتهم المنتج من خلال خاصيتهم في تشكيل أكبر حجم من الصدى. ما السر وراء هذه الصيحات طويلة المدى؟  يكمن السر في مجموعة من  العوامل : النبرة العالية و مسافة عرض الفم المفتوح و استعمال مميز لهيئة البدن تتيح لهم القدرة على توجيi الصوت. هذه كلها عوامل لا يستطيع البشر محاكاتها.

 

سأل “لونجو تيتزي” المنسق في المركز الوطني للأصوات والحديث في جامعة يوتاه: “هل سيقدر البشر على نداء بعضهم في حالة الخطر لمسافات بعيدة مثل كائنات الحياة البرية التي اكتسبت هذه الخاصية في ملايين السنين من التطور؟”.

البحث نُشر في مذكرة مركز الصوتيات الأمريكي و تم تمويله من المؤسسة الوطنية للصم و مشاكل التواصل الأخرى.

تحريك الهواء بكفاءة

تنتج الحيوانات الأصوات بإخراج الهواء من رئتيها مرورا بالرقبة و خروجا من الفم، ولكن بحركات ترددية تغير كتلة الهواء الخارج ببطء لينتج هيئة موجات صوتية. وبكل مرحلة تحركية تقل قوة الصوت فقط بنسبة 10% من الإيرودينامك الذي يُنتج منه الصوت. وكذلك الأغشية الناعمة في الرقبة تمتص نسبة من الصوت كما أوضح “تيتزي”. ولكن هنالك عامل كفاءة التردد ، وهو يعني أن كمية الصوت الذي يُبث كصدى خارج الفم يجعل نسبة الـ 10% تصبح 100% . إن هذه الحسبة التي يقدمها كلاً من “تيتزي” و طالب الدكتوراة في مجال الطب الأحيائي الهندسي “آنل پالاپارثي” . قال تيتزي ” لقد رجعنا لحسابات كانت متوفرة من 100 سنة سابقة. و رأينا طرقا حديثة في حساب كفاءة إنتاج صدى الصوت، بعد ذلك أسمينا حسبتنا (معادلة الكفاءة)”.

بعض الطيور والثدييات التي تكون أحجامها أصغر من الكرة الطائرة تستطيع إنتاج صيحات أعلى من الإنسان بسبب كفاءة الصدى (بمعنى أن المخلوقات تنتج 10% من الصوت من نسبة هوائها ، ولكن بفضل (معادلة الكفاءة) وصلت الحيوانات لنسبة 100% . ولكن ما الفروقات بين كيفية إنتاج الصوت لدى الإنسان والحيوان؟

لماذا تستطيع الحيوانات القيام بمضاعفة أصواتها بقوة ونحن لا نقدر؟

وجد ” پالاپارثي و تيتزي ” أن للحيوانات ثلاثة خصائص:

  1. الفم العريض.
  2. التردد العالي.
  3. القدرة على تحويل كامل أجسادها لبوق صوتي.

إن درجة التردد في الصيحة الواحدة لها أن تخبرنا عن معنى الصوت. ذكر “تيتزي”  أن ” الصوت البشري يعتمد على تشكيلة من الحروف الحلقومية والساكنة المنتجة عن طريقة حركات مختلفة من الشفتين واللسان والفك. ولهذا السبب لا نحتاج إلا لنبرة متوسطة التردد ليتضح التمييز بين تلك الحروف المنتجة. فبالتردد المنخفض يمكن أن تظهر الحروف الساكنة والحلقومية بوضوح. ولكن الحيوانات بحالة الخطر لا تحتاج لإيضاح اي شيء فني. فلذلك تستطيع إنتاج أعلى نسبة تردد. قال الباحثون ” قوة التردد تقفز بقوة لطول موجي عالٍ حينما يكون باتساق مع قُطْرِ دائرة الفم أو المنقار.

(اذا كنت ترغب في فهم حجم قطر دائرة أفواهنا البشرية، فإن متوسط القطر الدائري للفم البشري هو 2 بوصة أو 50 مليمتر. بالنسبة للحسابات، فستكون كفاءة التردد لدينا هي 6.860 هيرتز. عموما ينتج البشر بشكل طبيعي ترددات تصل إلى 300 هيرتز في أثناء الحديث الطبيعي، ولكن من الممكن أن يرفعوا هذه النسبة)

الحيوانات، وخصوصا الطيور والثديات،  يمكنها استعمال كامل أجسادها كمثل الصندوق العاكس للصوت ذا الزاوية المقوسة لرد الصوت وإنتاج أكبر كمية من الصدى باتجاه الهدف المحدد. وكما قال “پالاپارثي” (الشخص أمام العاكس للصوت يسمع بشكل أحسن من من هو خلفه) ولكي يتحول الحيوان إلى الصندوق العاكس يعيد الحيوان رأسه للخلف وأحيانا يقلص رقبته لداخل جسده. أما البشر، للأسف ليس لديهم هذه القدرة. فإن كل ما لدينا هو زيادة عرض فتحة الفم. ختم “پالاپارثي” قوله ” ليس لدينا البيولوجيا لنعمل أكثر من ذلك.”

كيفية قيام الحيوانات بناداءات الخطر

لكن لا يعني هذا أن البشر لا يستطيعون التعلم من قوة ندائات الحيوانات. “تيستي” قام بدراسة ستنشر قريبا يبحث فيها مدى قدرة الإنسان على التواصل بآلية ذكية مع بني جنسه لمسافات بعيدة. إن تعلم كيفية التواصل بأقوى تأثير يعني الفارق بين الحياة والموت حينما تنقطع عنا طريقتنا في التواصل باستعمال وسائلنا الكهربائية؛ كأجهزة الهاتف ومكبرات الصوت. “پالاپارثي” قال: “ليست مرة أو مرتان، بل لمرات عديدة يمكن أن تمارس النداءات بطريقة تقتصد بها طاقتك إلى حين مجيء النجدة.”. وعلق “تيتزي” خاتما بتساءل: “لو فقدنا أجهزتنا الكهربائية المخصصة لإعلاء الصوت فماذا يسع البشرية أن تفعل لنقل صوتها لمسافات شاسعة؟”.

 

جامعة يوتاه | المصدر

جري سالم الجري

كاتب ومترجم كويتي. درس الأدب الانجليزي ومهتم ومتحدث باللغة التركية. يكتب لمجموعة من المجلات والصحف الكويتية ويترجم لصالح نادي كلمة للقراءة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى