التاريخ والآثارالعلوم الاجتماعية

السوترا الماسيّة : أقدم كتاب مطبوع عرفهُ العالم

مترجم من اللغة الإنجليزية

إن كتاب فايرستشاديكا براي آيبرميتا سوترا Vajracchedikā Prajñāpāramitā Sutra ، قد تُرجِمَ من اللغة السنسكريتية إلى اللغة الإنجليزية تحت عناوين مختلفة مثل السوترا الماسيّة ، السوترا الماسيّة القاطعة ، سوترا فاجرا ،  سوترا فاجرا القاطعة.

تعتبر السوترا – وهي كلمة سنسكريتية تعني التعليم الديني أو الموعظة ، تحديدًا موعظة بوذا- من أكثر النصوص المقدسة شيوعا وتبجيلا في مذهب ماهايانا البوذي. وقد وُصفت النسخة المكتشفَة من هذا النص المقدس في كهوف موغاو في دونهوانغ بالصين ، بأنها “أطول بقاء لأكمل كتاب مطبوع مؤرّخ في العالم “.

السوترا الماسيّة وتعني القواعد الماسية، تعتبر من أقدم القواعد والنصوص الخاصة بشريعة ماهايانا البوذية والتي تُعرف بـ براي آيبرميتا سوترا – وتعني سوترا الحكمة الكاملة أو قواعد الحكمة الكاملة. كما أنه توجد سوترا أخرى تنسب لشريعة الماهايانا والتي تعرف بسوترا القلب، و بحسب أسطورة مذهب ماهايانا البوذي ، هذه السوترا أُمليت عن طريق غوتاما بوذا لتلاميذه المختلفين ، وقد بقيت هذه التعاليم المقدّسة بعد ذلك طي الكتمان لمدة 500 عام ، و يُقال أنه اكتُشِف فقط عندما كانت البشرية مستعدة للتعلم منها ، ومع ذلك ، فإن العلماء يرون أن هذه الشريعة -أي شريعة الماهايانا-  لم تنشأ في سنواتٍ قليلة وإنما نشأت وتطورت على مدى قرون من الزمان. و في حين أن هذه السوترات -صيغة الجمع- بدأت كتابتها خلال القرن الأول قبل الميلاد ، إلا أن الشريعة لم تكتمل إلا بعد عدة قرون لاحقة.

يُقال أن السوترا الماسيّة هي نصٌّ موجز، ويُقال أن الترجمة الإنجليزية النموذجية له تحتوي على حوالي 6000 كلمة فقط ، ومع ذلك ، فإن الرسالة التي يحتوي عليها النص عميقة جدًّا ، وقابلة لتفسيرات وتأويلات مختلفة. ولعلّ واحدًا من التأويلات الأساسية للسوترا الماسية هي أنها دعوةٌ من بوذا لأتباعه “بالمسارعة في قطع خيوط أوهام الواقع الذي يُحيط بهم”  ، وبالتالي التوصل إلى إدراكِ ما هو حقيقي.

Frontispiece of the Chinese Diamond Sutra. ( Public Domain )
الصفحات الأمامية من السوترا الماسية (الصورة تعتبر Public Domain)

ويعتقد أن السوترا الماسية تُرجمَت لأول مرة إلى الصينية في عام 401 م من قِبل راهب بوذي تحت عنوان ” كوماراجيفا” . وقد ذُكر أن الأمير تشاو مينغ ابن الإمبراطور وو ليانغ، قام في القرن التالي بتقسيم السوترا إلى 32 فصلاً ، ووضع عنوانًا لكل فصل، وعلى الرغم من أنه لا يؤخذ بهذه العناوين في أحيان كثيرة، إلا أن هذه التقسيمات ما تزال تستخدم حتى يومنا هذا. هناك حدثٌ آخر مهم في تاريخ السوترا الماسية وهي حركة هيوننج التنويرية ، وهيوننج هو الممثل السادس والأخير لمذهب التشان البوذي ، ويروي هيوننج في سيرته الذاتية  التي كتبها بنفسه: “بينما كان الراهب اليافع يبيع الحطب في السوق ، سمِع السوترا الماسية تُتلى و كنتيجة لذلك حصل على التنوير”.

Statue of Kumarajiva in front of the Kizil Caves in Kuqa, Xinjiang province, China.
تمثال کوماراجيفا أمام كهوف كيزل في كوتشا بمحافظة شنغيانغ (الصورة مرخصة برخصة CC BY-SA 3.0)

خلال بداية القرن العشرين ، اكتشف كاهن من الديانة الطاوية يدعى وانغ يانلو الذي كان يتولى بشكل تطوعي العناية والاهتمام بكهوف موغاو في دونهوانغ بالصين مخبأً سريًّا للمخطوطات القديمة ، يُشار إليها الآن بمخطوطات دونهوانغ. وبين هذه الكنوز القديمة كانت توجد نسخة من السوترا الماسية ، التي وُصفَت بأنها ” أطول بقاء لأكمل كتاب مطبوع مؤرّخ في العالم”.

يُمكن العثور على الشخص الذي كلف بكتابة هذه المخطوطة وكذلك تاريخ كتابتها في نهاية المخطوطة حيث كتب: “مع خالص الاحترام والتبجيل، لقد كُتب هذا من قبل وانج جي نيابة عن والديه ويوزع بشكل عام ومجاني  . كتب في الثالث عشر من الشهر الرابع من السنة التاسعة من تقويم كوسيا يانتونج Xiantong” أي ما يعادل الحادي عشر من مايو من عام 868 للمیلاد.

Early Photo of Wang Yuanlu. ( Public Domain )
صورة مبكرة لوانغ يانلو (الصورة تعتبر Public Domain)

في عام 1907 وصل عالِم الآثار المجري البريطاني السير أوريل ستاين إلى دونهوانغ وزار كهوف موغاو، و قد التقى بوانغ يانلو و مُقابل 130 باوند تمكن من أخذ 24 حقيبة مليئة بالمخطوطات إلى لندن ، فضلاً عن خمسة صناديق مليئة باللوحات والمطرزات والمقتنيات العتيقة ، والسوترا الماسية كانت من بين هذه الآثار. لدى المكتبة الوطنية في بكين رواية  مختلفة عن ما حدث حيث صرحت في عام 1961 مدعية فيها أن السوترا “سُرقَت – ولم تُشتَرى – قبل قبل أكثر من خمسين عامًا من قِبل ستاين”. ونتيجةً لشرائها / سرقتها ، فإن نسخة السوترا الماسية من كهوف موغاو تم وضعها اليوم في المكتبة البريطانية في لندن.

بقلم | Wu Mingren | المصدر

موزة الريامي

مُحرّرة ومترجمة، خرّيجة قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس - 2017

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى