العلوم الاجتماعيةعلم النفس

وداعاً لرهاب المسرح

: كيف تتغلب على رهاب المسرح وتصبح متحدثًا بارعًا؟

يشعر معظمنا بالرهبة من التحدث أمام الجمهور. ونتيجة لذلك، ما ننفك أن نتدرب باستمرار، أو نتوقف عن التحدث أمام الملأ تماماً. لدى عالمة الأعصاب أنيوشا بانرجي اقتراح: لماذا لا نعتاد على ذلك؟

جاء هذا المنشور في حوار ضمن سلسلة TED،”كيف تصبح إنساناً أفضل” وتحتوي كل منها على نصائح مفيدة من مختلف الأشخاص في عالم تيد.

سواءً في العمل، أو في حفل زفاف، أو في فعالية مدرسية، نحتاج جميعاً لنقف أمام الجمهور في مرحلة ما من حياتنا. لا يهم مدى استمتاعنا بالخوف الناجم من قطار الملاهي أو روايات ستيفن كينج، قليل منا يستمتع بالقلق المرتبط بالنظر نحو وجوه تترقب لتستمع إليك.

على سبيل المثال، تعرض انيوشا بانرجي، عالمة أعصاب في كلية ايموري للطب في أتلانتا، جورجيا تجربتها الشخصية. فهي من محبي أفلام الرعب مثل، فيلمي The Conjuring و The Ring، ولكنها كما تذكر في TEDx Decatur “ما لا أريده على الإطلاق هو أن أعيش فيلم الرعب في الحياة الواقعية، ومع الأسف، هذا ما حدث قبل ثمانية أعوام، عندما قدمتُ عرضي الأول أمام الجمهور.”

لم يقتصر مصدر القلق على الجمهور وهي تقف أمام غرفة مليئة بالعلماء فحسب؛ فحتى بعد خروجها من المنصة رجفة الخوف لم تتوقف. فكما وصفت بلسان تخصصها العلمي، إنها شعرت بالغدة المفرزة للنشاط، وهي جزء الدماغ الذي يتعامل مع المشاعر ومن ضمنها الخوف. منذ ذلك الحين، أدركت كيف لعلم الأعصاب أن يساعدنا في التعامل مع الخوف بشكل أفضل.

قادتها التجربة للتساؤل: ما الأمر المتعلق برهاب المسرح الذي يفكك أشخاصاً ذو كفاءة في الأحوال العادية؟ بعد كل شيء، ننخرط نحن كبشر طوعاً وبشكل روتيني في أنشطة قد تقود للموت دون التفكير في الأمر مرتين ـ أبرز مثال على ذلك قيادة المركبات. وفي الوقت ذاته، احتمالية أن تقتلنا الخطابة أو أن تؤذينا ضئيلة جدًا، “في كل مرة نضطر فيها للوقوف على خشبة المسرح أمام الجمهور، نكاد نشعر بالموت.”

ويميل العديد منا، كردة فعل إلى واحد من خيارين: نتجنب التحدث أمام العامة تماماً، أو نجاهد للتخلص من خوفنا عن طريق التدريب المكثف . ولكن “بانرجي” تشير إلى ضعف هذه الطرق. وتشرح قائلة “إن المشكلة في فشل الاستراتيجيتين تكمن في تعزيز الخوف في أذهاننا باستمرار.”

وترى أن الصعوبة التي نعاني منها حيال التحدث أمام الجمهور متعلقة بتعزيزنا المستمر للخوف من التحدث أكثر عن الخوف نفسه. نخبر أنفسنا مراراً و تكراراً، والآخرين أيضًا بأن التحدث أمام الجمهور شيء مخيف، وأن علينا تجنب هذا الخوف بأي ثمن. وتقول بانرجي “عندما نُذكّر أنفسنا بهذا مراراً، نقحم عقولنا في ما يسمى بالتعزيز السلبي، والذي يعرّف على أنه تعزيز الاستجابة السلوكية عن طريق تجنب المحفزات السلبية. بالطبع، في هذه الحالة، الاستجابة السلوكية التي نعززها هي استجابتنا للخوف، و المحفز السلبي هو الظهور على المسرح.”

والإجابة وفقاً لبانرجي هي أن نتأقلم مع الخوف. وتقترح إن “الطريقة الوحيدة للتصدي للتعزيز السلبي عن طريق وجودنا في حضرة مسبب الرعب قدر المستطاع” وكما تقول المقولة الشهيرة، “عليك امتطاء الحصان الذي رماك مجددًا”.

كيف نفعل ذلك؟ عن طريق جعل رهبة المسرح عادة. قد يبدو هذا غريبًا، ولكنه متعلق بطريقة عمل أدمغتنا. وتشرح بأننا “عندما ننخرط في موقف جديد، تكون أدمغتنا بكامل نشاطها في محاولة للتعامل معه ولكننا عندما ننخرط أكثر وأكثر، يصبح الدماغ أقل نشاطًا بكثير ويصبح معتاداً على السيناريو.”

وتفسر بانرجي الموضوع كالتالي: “عندما نصعد على المسرح للمرة الأولى، نشعر بأعراض رهاب المسرح، وفي المرة الثانية نشعر أيضاً بالأعراض ذاتها، ولكن عندما نصعد للمسرح للمرة العشرين، نشعر أيضاً بأعراض رهاب المسرح ولكن بدرجة أقل بكثير. أما الآن يقول عقلي؛ ‘ياه! جربت رهاب المسرح ١٩ مرة من قبل، أصبح الأمر مملًا.'”

جعلت بانرجي من العرض أمام الجمهور عادةً من خلال الانضمام لتوستماسترز، وهي مؤسسة عالمية غير ربحية، تُعلِّم مهارات التواصل والإدارة، وتحدثت حتى الآن أمام الجمهور أكثر من ٢٠٠ مرة. سرّهم في تطوير متحدثين وقادة عظماء هو تشجيع أعضائهم على” التعلم بالممارسة.” هذا يعني كسر حاجز الخوف والتحدث، حتى وإن كان صوت في داخلهم يخبرهم بالفرار.وعلى الرغم من أنها لا تزال تعاني من رهاب المسرح وهي تعترف بأن هذا الخوف ينتابها حتى أثناء حديثها في TEDx- إلا أن دماغها يعطي انتباهاً أقل بكثير له وأصبح أكثر قدرة على التركيز على الجمهور وجوانب أخرى من حديثها. “المخاطرة دائماً موجودة؛ ولكن أدمغتنا تعتاد على تلك المخاطرة فحسب.”

نصيحة بانرجي؟ “تحدث مراراً. و الأكثر أهمية، تحدث أمام عدد متنوع من الجماهير، تحدث في العمل، تحدث في محيطك، تحدث أمام أصدقائك وعائلتك لأن بامكانهم أن يكونوا صريحين جدًا.”

وتضيف بانجري “لكن لا تخبر نفسك أن هذا شيء يمكنك العيش بدونه، أو لا تحتاج إليه. لا تجعل الخوف يسيطر عليك. عندما يأتي الأمر لرهاب المسرح، لا تتجاوزه؛ اعتد عليه.

 ترجمة: آلاء الخليلي | تدقيق: مريم الغافري | المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى