العلوم التطبيقيةتكنولوجيا

اختراق تويتر استهدف الأثرياء والمشاهير ولكن الخسارة تطالنا جميعًا إذا سهُل قرصنة الحسابات الموثوقة

تبدو قائمة الأشخاص الذين تعرضت حساباتهم على تويتر للقرصنة من قِبَل بعض المحتالين، يوم الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة الأميركية، أشبه بقائمة رموز عالمَي التقنية والسجادة الحمراء؛ بدءًا بالرئيس التنفيذي لشركة تِسلا إيلون مسك ومؤسس شركة أمازون جيف بيزوس ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس إلى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ومرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة آنذاك والرئيس الأمريكي حاليا جو بايدن، والمشاهير كانييه ويست وكيم كارداشيان، والأثرياء مثل وارن بافت ومايك بلومبيرغ، وحسابات شركتي آبل وأوبر، وغيرهم.

ما الهدف من الاختراق؟ إغواء المتابعين لتحويل ما يعادل 1000 دولار أمريكي بالعملة الرقمية بِتكوين Bitcoin مع وعودٍ زائفةٍ برد المبلغ مضاعفًا.

وصرّح تويتر بعد التحقيقات الأولية، أن الحادثة كانت على الأرجح “هجمة هندسة اجتماعية نسقها أشخاص نجحوا في استهداف بعض موظفينا المخولين للوصول إلى أنظمة وأدوات داخلية”.

ما تزال التفاصيل غير واضحة لكن من المرجح أن شخصًا بامتيازات إدارية منح القراصنة -على نحو غير متعمد- إمكانية الوصول؛ ذلك على الرغم من تفعيل خاصية التحقق بخطوتين والتي تُعد المعيار الذهبي في الأمن على شبكة الإنترنت. ومن المحتمل تورط أفراد من الداخل لكن معالم الحادثة ما زالت تتضح تدريجيًا.

أدى استخدام العملة المتخصصة بِتكوين إلى الحد من أعداد الضحايا المحتملين ولكنه جعل مهمة تعقّب ما نهبه القراصنة مستحيلة. ومن المفارقات الغريبة أن عملة بِتكوين صُممت لعالم تجاوز مرحلة الثقة وأن طبيعة معاملاتها التي تحجب الهوية صعّبت عملية تتبُّع القراصنة.

بمن نثق؟

ليست هذه المرة الأولى التي نشهد فيها تأثيرًا معقدًا وعميقًا لمنصات التواصل الاجتماعي. ففي عام 2013، اخترق قراصنة الحساب الرسمي لوكالة الأنباء الأميركية “أسوشييتد بريس” على تويتر وغردوا:
عاجل: انفجاران في البيت الأبيض وإصابة باراك أوباما.
انخفض مؤشر سوق الأسهم بمقدار 136.5 مليار دولار أمريكي على الفور تقريبًا وما لبث أن ارتفع مجددًا خلال ست دقائق، موضحًا ترابط الأنظمة التي تعمل بسرعة قصوى لا يمكن للبشر التدخل فيها؛ حيث قرأت الخوارزميات عناوين الأخبار وانهار سوق الأسهم وإن كان التأثير عابرًا.

وبتقليل القيمة السوقية للأسهم حقق مَن اخترق حساب وكالة الأنباء على تويتر أرباحًا طائلة من الانهيار المؤقت لسوق الأسهم. ولا نعلم ما مقدار الأرباح المالية التي حققها القراصنة عام 2013، إن وُجدت.
اقرأ أيضًا: لماذا يُرجَّح تكرار حادثة اختراق “أسوسييتد برس

إن وراء اختراق تويتر الذي حدث هذا الأسبوع (12 – 18 / 06 / 2020) دوافع مالية بالتأكيد، إذ جمع محتالو البِتكوين أكثر من 50000 دولار أمريكي.
إلا أن الأمر الأكثر شؤمًا هو تبعاته على الديمقراطية إذا شُنّت هجمة مماثلة لدوافع سياسية.
ماذا لو غرّد مصدر موثوق مثل حسابٍ رسمي لصحيفة وطنية عشية الانتخابات أن مرشحًا رئاسيًا قد ارتكب جريمة ما، أو أنه مصاب بمرض خطير؟
ماذا لو أفصح مصدر من المفترض أن يكون موثوقًا كوزارة الدفاع عن معلومات خاطئة حول هجمات دولية مسلحة؟ سيكون تأثير ذلك عميقًا وسيتعدى الخسائر المالية بكثير.

هذا هو الخطر الكامن في اعتمادنا المتزايد على منصات التواصل الاجتماعي كمصادر موثوقة للمعلومات. فمع انخفاض أعداد وتمويل المؤسسات الإعلامية وتأثيرها، يتزايد اعتماد الناس على منصات التواصل الاجتماعي لتلقي الأخبار.
وجاءت حيلة البِتكوين لتذكرنا بأن منصات التواصل الاجتماعي يمكن اختراقها أو التلاعب بها أو استخدامها لنشر المعلومات الكاذبة. حتى أن الأنظمة التقنية التي تُعد معيارًا ذهبيًا يمكن أن يُحتال عليها ربما باستغلال مَواطن الضعف لدى البشر
كموظفٌ مستاء وكلمة مرور ضعيفة أو حتى جهاز يستخدم في الأماكن العامة، كل ذلك يشكل خطرًا جسيمًا.

من المسؤول؟

السؤال الأهم؛ من ينظِّم السلطة الواسعة التي تمتلكها منصات التواصل الاجتماعي؟
أثارت ردة فعل تويتر بإيقاف الحسابات الموثقة بالعلامة الزرقاء غضب المستخدمين البارزين (كما أبهجت هؤلاء الذين لم يُمنحوا العلامة).

«ويبقى السؤال الأساسي: من يقرر ما يجب أن يخضع للرقابة أو يُقفَل، وتحت أية ظروف؟ وهل ينبغي أن تنفذ الشركات ذلك أم تحتاج لأطر تنظيمية لضمان النزاهة والشفافية؟
وسبق أن طُرحت مسائل أعَم حول متى ينبغي أو لا ينبغي لتويتر أو فيسبوك أو أي منصة أخرى أن تُراقب المحتوى؟

تلقت فيسبوك نقدًا لاذعًا لعدم إزالتها للمنشورات القمعية عن مسلمي الروهينجا في ميانمار وما وصفته الأمم المتحدة بالإبادة الجماعية. لاحقًا أوقفت تويتر بعض الحسابات التي حرّضت على العنف، وواجهت بعض الانتقادات.
إقرأ المزيد: بدلًا من أخذ الأمر على عاتقها تويتر “تحذّر” من مخاطر التزييف العميق

ومع اعتمادنا التام والمتزايد على منصات التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، ما مسؤولية هذه المنصات؟ ومن ينبغي أن ينظمها؟ ففي ظل نمو قوة المنصات وتأثيرها نحن بحاجة إلى أطر صارمة لمحاسبتها.
في الشهر الماضي، تعهدت الحكومة الأسترالية بزيادة الدعم المالي بمقدار 1.3 مليار دولار أسترالي لمديرية الإشارات الأسترالية، بالإضافة إلى توظيف 500 عامل جديد وذلك لتعزيز قدرتها على الدفاع عن أستراليا ضد الهجمات. ونأمل أن تتضمن استراتيجية الأمن السيبراني لعام 2020 القادمة استراتيجيات لتحسين الأمن السيبراني والمعرفة الرقمية.
في عالم مثالي، قد تنظم شركات التواصل الاجتماعي ذاتها، إلا أن مخاطر ذلك عالية جدًا في الواقع.


بقلم: كوبي لينز | ترجمة: مريم الريامي | تدقيق: آلاء الخليلية | المصدر

 

مريم الريامي

مترجمة ورسّامة، وفضولية من الدرجة الأولى! مهتمة باللغات وأطمح لإتقان عدد منها، أحب القراءة وأهوى الفنون بأنواعها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى