قد يُشعرك تشخيص أحد أصدقائك بمرض السرطان بالارتباك والقلق، ولكن لا تسمح للخوف والشك أن يمنعك من التواجد بقربه ومساندته. إليك بعض النصائح العملية التي تقدمها الصحفية سليكة جواد حول كيفية مساعدتك له.
تخرجت زليخة جواد من الجامعة في الثانية والعشرين من عمرها، وهي على أهبة الاستعداد لاتخاذ خطواتها نحو العمل كمراسلة حربية. تقول في حديثها مع TED: “لكن العالم الحقيقي الذي وجدته أخذني إلى منطقة صراع مختلفة تمامًا”، تم تشخيص إصابتها بسرطان الدم وقد قُدِرتْ نسبة عيشها لمدة أطول بنحو 35% ، وفي غمضة عين تقلصت أحلامها إلى حلم واحد وهو البقاء على قيد الحياة.
خلال السنوات الأربع التالية، تحمَلت زليخة العلاج الكيميائي والتجارب السريرية وزراعة نخاع العظام، تقول: “لقد تأقلمت”، وأضافت ” لقد أصبحتُ خبيرة في المجال الطبي، وكوَنت صداقات مع مجموعة من الشباب المرضى بالسرطان، كما أنني قمت بصناعة تشكيلة واسعة من الشعر المستعار وتعلمت كيفية تحريك حامل المحلول الوريدي كما لو أنه لوح تزلج”. ونشرتْ قصتها في عمود في صحيفة نيويورك تايمز تحكي فيها عن تجربتها مع المرض. تبلغ زليخة الآن ثلاثين عاماً وهي متعافية تماماً من السرطان وتشارك تجربتها مع كل شخص يملك صديقاً مصاباً بالمرض.
السرطان يغيّر الحياة، ليس للمريض فحسب بل لعائلته وأصدقائه أيضاً. المشكلة هي أنك عندما تكون صديقًا لمريض السرطان، قد يكون من الصعب عليك في بعض الأحيان معرفة ما يمكنك تقديمه له، خاصة وأن مثل هذا الحدث إلهام يُشعرك بأنه قد يتطلب مساعدة واهتمامَ أفراد عائلته فقط، ولكن بإمكانك أن تُحدث تغييرًا كبيرًا في حياة صديقك عندما تتمسك بمبادئك ومشاعرك تجاهه وتكون مرناً في التعامل مع وقتك.
فيما يلي بعض الإرشادات التي يجب أخذها بعين الاعتبار:
خذ الوقت الكافي لتجاوز صدمتك حول التشخيص
حينها لن يتعين عليك طلب المساعدة من صديقك للتخلص من حزنك؛ فهذا هو الوقت المناسب للاستعانة بالأشخاص المقربين منك لمساعدتك في التغلب على هذا التغيير والتأقلم بشكل أفضل مع المرحلة الجديدة من حياتهم وبعلاقتك بهم.
لا تتجاهل صديقك بسبب خوفك
قد يكون من الصعب عليك معرفة ما يجب قوله لمواساة شخص تم تشخيص إصابته بالسرطان، وعادة ما يلتزم البعض الصمت في مثل هذه المواقف لأنهم غير قادرين على تحديد ما يقولونه، ولكن من الأفضل أن يفصحوا عمَا بداخلهم عوضاً عن كتمانه، إذ يحتاج صديقك في هذا الوقت إلى الحب والدعم أكثر من أي وقت مضى. تحدث معه بصدق وبإمكانك أن تبدأ بقول ” لا أعلم ماذا أقول” وأتبعه ببعض الكلمات التحفيزية مثل “أنا أحبك” أو “سأكون بجانبك إذا أردت التحدث”، وجودك بجانبه قد يكون كافياً للتخفيف عنه.
ابحث بنفسك عن تشخيص المريض
أو اسأل مقدمي الرعاية عن حالته الصحية، إذ يتأثر المريض المشخَّص جسدياً وعاطفياً كلما اضطر إلى سرد تفاصيل حالته الصحية مراراً وتكراراً.
لا تقدِّم نصائح طبية غير مجدية
كما أنه لا داعي لمقارنة تشخيصهم بحالة أحد أقربائك المصابين بالسرطان؛ إذ لا توجد حالتين متشابهين على الإطلاق. تجنب إخبارهم بقصص مرضى السرطان ذات النهايات المأساوية فهي لا تسمن ولا تغني من جوع حتى إن كان الأمر واضحاً.
أفسِح له المجال لمشاركتك حزنه وخوفه
من الغريزي أن تزوده بالطاقة الإيجابية مع عبارات مليئة بالتفاؤل مثل “كل شيء سيكون على ما يرام”، وتجنب استصغار مخاوفه وقلقه حيال الموضوع. سيحتاج صديقك للتحكم بردة فعله في الوقت الذي يراه مناسباً.
حاول أن تخلق جواً من المرح والضحك عند زيارتك له
فهذا قد يخفف عنه من وطأة يومه الصعب. لا تخف من التحدث عن مواضيع أخرى غير السرطان، وإذا كنت معتاداً على المزاح معه واصل فعل الأمر ذاته، ما يهم هو أن تعامله كما كنت تعامله قبل مرضه وأن تتجنب إظهار شعورك بالشفقة والحزن تجاهه.
إلى جانب زيارتك له داوم على الاطمئنان عليه عبر الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني
ولا تنس إخباره أن لا داعي للرد أو إرسال رسائل شكر لك إن كان لا يشعر بالرغبة لفعل ذلك. معرفته أنك بجانبه قد تعني له الكثير.
تمسك بكلمتك قدر المستطاع
فإذا وعدته بالمساعدة أو الزيارة فمن الضروري أن تفي بوعدك له. عندما يكون الشخص مريضاً يمضي وقته بشكل مختلف تماماً، وقد يؤدي إلغاء زيارة مترقبة إلى تغيير مجرى يومه أو حتى الأسبوع بأكمله. في المقابل، احرص دائماً على إبلاغه بزيارتك السريعة له، وكن متفهماً إذا قابل الأمر بالرفض فالمرض وآثاره الجانبية لا يمكن التنبؤ بهما.
تجنب قول “كيف يمكنني مساعدتك؟”
فقد يصعب على بعض الأشخاص طلب ما يحتاجون إليه، لذا حاول القيام ببعض الطرق العملية لتقديم الدعم باصطحابه إلى مواعيده في المستشفى ومجالسة أطفاله والمساعدة في أعمال المنزل وتقديم وجبات الطعام أو الاعتناء بحديقة المنزل.
لا تبخل على من يقدّم له الرعاية باهتمامك
فالسرطان لا يؤثر على المريض فقط بل على عائلته بأكملها. إذا كان ممكناً، اقترح أن تذهب برفقة صديقك المريض إلى مواعيده مع الطبيب عوضاً عنه، وقم بحجز جلسة تدليك كهدية له ليشعر بالراحة والاسترخاء، وعند زيارتك لهم أحضر وجبة الطعام معك حتى لا يضطر لتقديم الضيافة لك.
استمر في التأكد من سلامته حتى بعد انتهائه من العلاج
بالنسبة للعديد من المرضى، قد تكون الأسابيع والأشهر التي تلي علاج السرطان هي الأكثر صعوبة. فقد تكون العودة إلى العمل، ناهيك عن تَحمُّله المسؤوليات مثل الإيجار والفواتير الأخرى، بمثابة تحدٍ كبير له، حتى وإن كان يبدو بصحة جيدة، لذلك لا تظن أن الأوقات الصعبة قد انقضت.
بالنسبة للعديد من المتعافين من السرطان ومقدمي الرعاية لهم، فإن السرطان ليس شيئاً يمكن تخطيه ببساطة، فالتأثيرات الجسدية والنفسية قد تستمر لفترة طويلة بعد الشفاء، وسيُقدِّر صديقك كثيراً فهمك لهذا الأمر طيلة علاقتكم معاً.
بقلم: سيكنة جواد | ترجمة: جهينة البلوشي | تدقيق الترجمة: مريم الغافري | تدقيق لغوي: أفراح السيابي | تحرير: بسام أبو قصيدة | المصدر