الطب والصحةالعلوم التطبيقية

استخدام وسائل التواصل الاجتماعي واضطراب النوم

هل تهدر الكثير من وقتك على منصات التواصل الاجتماعي عبر كمبيوترك الشخصي أو هاتفك المحمول أو على ألعاب الفيديو؟ إذا كان الأمر كذلك، لست الوحيد الذي يفعل ذلك. أظهرت البيانات الصادرة عن مركز بيو للأبحاث بأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد ارتفع بين البالغين من 5 ٪ في عام 2005 إلى 69 ٪ في عام 2018، وأن حوالي 90 ٪ من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عامًا هم الأكثر استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي.  قد تكون هناك بعض الفوائد لاستخدام منصات التواصل المختلفة؛ بالإضافة إلى قيمتها الترفيهية، فهي تمكننا من الانفتاح على الأفكار الحديثة والأحداث الجارية، وتعزز روح المشاركة المجتمعية، وتسهل لنا التواصل مع العائلة والأصدقاء عن بُعد، كما تعزز أيضاً القدرة على الوصول إلى الشبكات الاجتماعية. ومع ذلك، يمكن أن يكون لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي أضرارٌ تتعلق بالصحة أيضًا. يرتبط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بعواقب وخيمة تتعلق بالنوم مثل انخفاض عدد ساعات النوم ليلا وجودة النوم، وهذا أمر جدير بالملاحظة؛ إذْ أكدَّت المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم  على أن  نصف الأميركيين تقريبا لا يحظون بساعات النوم الكافية والتي تتراوح بين 7-9 ساعات ليلا خلال أيام الأسبوع. ونظرًا للطبيعة التفاعلية التي يحظى بها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي من خلال قضاء وقتهم في استخدامها، فهي تُهَدِّد النوم أكثر بكثير مقارنةً بوسائل الإعلام الأخرى كالتلفاز. من بين تقنيات أخرى، يمكن أن يؤثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا على النوم بشكل مباشر من خلال طرد النعاس، وبشكل غير مباشر عن طريق تعزيز الاستثارة العاطفية والإدراكية والنفسية. لذلك، ركزت مجموعتنا البحثية على أثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تحديدًا، عوضًا عن الوقت الذي يقضيه المستخدم أمام الشاشة عمومًا، وذلك لارتباطه الوثيق بصحة النوم. أشرنا سابقًا إلى أن احتمالية إصابة الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من ساعتين يوميًا باضطراب النوم حوالي ضعف مَن يستخدمونها لمدة 30 دقيقة يوميا أو أقل، كما يصاحب الاضطراب أيضًا انخفاض في جودة النوم وصعوبة الخلود للنوم. ومع ذلك، لم ندرس بعد أثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أوقات مختلفة خلال اليوم. بيد أن استخدام منصات التواصل الاجتماعي قد يؤثر على النوم بغض النظر عن وقت استخدامها خلال اليوم، وقد تكمن أهمية دراسة أثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم في: 1- قد يؤخر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وقت النوم ويطرد النعاس. 2- يمكن أن يعيق التحفيز الذهني سهولة النوم. 3- قد يؤخر الضوء المنبعث من شاشة الأجهزة الخلود للنوم.   لذا، أجرينا مؤخرًا دراسة لاستكشاف ما إذا كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال الـ30 دقيقة ما قبل النوم مباشرةً مرتبطٌ بسوء جودة النوم، إلى جانب استخدامها طوال اليوم.

من شارك في الدراسة؟

أجرينا دراسة استهدفت 1763 شابٍ تتراوح أعمارهم بين 19 و32 عامًا ممن أكملوا استبيانًا على الإنترنت، وقد اخْتِيرُوا عن طريق الاتصال العشوائي بأرقام هواتفهم (الهواتف الخلوية والخطوط الأرضية) واختيار عينات بواسطة عناوين الإقامة. تمثل عينةُ الدراسة هذه السكان البالغين الشباب في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

كيف نقيس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي واضطرابات النوم؟

لقد قمنا بقياس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقتين:

  1. لتقييم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدار اليوم بأكمله، طلبنا من المشاركين إبلاغنا عن العدد الإجمالي المعتاد للدقائق المستغرقة يوميًا للاستخدام الشخصي في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي.
  2. لتقييم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم، طلبنا من المشاركين الإجابة على السؤال التالي: “في العام الماضي، كم مرة تصفحت مواقع التواصل الاجتماعي لـ 30 دقيقة قبل أن تخلد للنوم ليلًا مباشرة؟”.

قيَّمنا اضطراب النوم باستخدام عناصر الاستبيان المدرج على الإنترنت؛ وذلك للتقصي عن مشاكل النوم، وصعوبة الخلود للنوم، وما إذا كان النوم يجدد النشاط بعد الاستيقاظ، وجودة النوم على مدى الأيام السبعة الماضية.

ما الذي توصلنا إليه؟

أولئك المشاركين الذين غالبًا ما يتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم هم أكثر عرضة لاضطراب النوم بنحو مرة ونصف مقارنة بالذين نادرًا ما يتصفحونها قبل الخلود للنوم. وظلت النتيجة نفسها حتى عندما أخذنا بعين الاعتبار مدة استخدام المشاركين لوسائل التواصل الاجتماعي طوال اليوم.

ما الذي لم تتطرق له هذه الدراسة؟

نظرًا لتقييمنا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي واضطراب النوم في الوقت ذاته، لا يمكن أن توضح لنا هذه الدراسة ما إذا كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يُحدِث اضطرابًا في النوم، أو كان اضطراب النوم هو من يدفع إلى استخدامها، لذا ستحتاج الدراسات المستقبلية إلى دراسة ذلك مع مرور الوقت للإجابة على هذا السؤال.

لماذا تشكل هذه الدراسة أهمية كبيرة؟

إن تمكنت الدراسات المستقبلية من استنتاج أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال الـ30 دقيقة ما قبل الخلود للنوم يؤدي إلى اضطراب النوم (وليس العكس)، فهذا يعني بأن على الشباب الراغبين في تحسين نومهم التركيز على تقليل استخدامها في هذا الوقت من اليوم تحديدًا. قد يكون الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال 30 دقيقة قبل النوم أكثر جدوى وفعالية من تقليل استخدامها طوال اليوم.


 بقلم: جيمي سيداني وجيسيكا ليڤنسون | ترجمة: هدى القطيطية | تدقيق: مريم الريامية | المصدر

هدى القطيطي

مترجمة مُحِبّة لما اصنعه من محتوى، ومؤمنة بأن أدب كل أُمة يصنعه كُتّابها بلغاتهم، أما أدب العالم فيصنعه المترجمون | أُترجم هنا في مختلف المجالات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى