المعضلة بين أهمية القواعد النحوية وكفاح المعلمين من أجل تدريسها
هل تعرف ما اللاحقة suffix أو كيفية التمييز بين الصفات والظروف؟ إذا كان لديك طفل يبلغ من العمر ست أو سبع سنوات، فإنه على الأغلب يعرف ذلك، أو على الأقل ، وفقًا لحكومة المملكة المتحدة، فإن هذه القواعد يمكن للأطفال من عمر السنتين أن يدركوها.
وفي سنتهم الدراسية الثالثة يبدأ الطلاب في توجيه تركيزهم إلى البادئات والروابط. وبحلول الوقت الذي ينتقلون فيه إلى المدرسة الثانوية، من المتوقع منهم أن يكونوا على دراية بمعنى المحددات والظروف. يجب أن يكونوا قادرين على التعرف إلى جملة صلة الموصول كنوع خاص من الجملة التابعة. كما يجب أن تبرز في كتاباتهم الإبداعية الأفعال المساعدة والصيغ المبنية للمعلوم أو المبنية للمجهول.
وعلى ما يبدو، يجب على المعلمين أن يتصالحوا مع هذه المصطلحات والمفاهيم والتي هي جزء لا يتجزأ من المنهاج الدراسي. إذا تلقيت تعليمك في حقبة ما قبل ستينات القرن الماضي، فلا بد أنك متمكّن نحويًا من هذه القواعد، ولكن أولئك الذين درسوا في الفترة ما بين 1960 إلى 1988 فإنهم للأسف تلقوا تعليمًا خاليًا من قواعد النحو.
وبالرغم من أنه أُعيد إدخال قواعد النحو إلى المناهج الدراسية في عام 1988 مع بروز المناهج الوطنية، يشعر الكثير من المعلمين اليوم بعدم استعدادهم لتدريسها. والسبب في ذلك واضح وضوح الشمس كما أشرتُ أنا وأشار بعضٌ مع خبراء اللغة، أن هؤلاء المعلمين لم يدرسوا قواعد النحو من الأساس ليتمكنوا من تعليمها.
وفي أغلب الأحيان تصبح القواعد في المدرسة قضية سياسية، حيث يرفض الليبراليون الإصرار المُتحفظ في المُحافظة على ما يُسمّى بـ “قواعد النحو الصحيحة”. بصفتي لغويًا هولنديًا، في نظري أن تعلم القواعد لا يتعلق بالتحدث بشكل صحيح، بل يتعلق الأمر باكتساب فهم أوسع للغة المرء وكيفية استخدامها بشكل خلاق. كما أنها أيضًا أداة مفيدة لتعلم اللغات الأخرى.
التدريس الخالي من القواعد النحوية
كانت الطريقة التي تدرس بها المدارس البريطانية قواعد اللغة الإنجليزية قبل عام 1960 تعتمد على اللغة اللاتينية. إذ يتم استخدام الفئات المُطوّرة خصيصًا لقواعد اللغة اللاتينية على اللغة الإنجليزية، وكانت نتيجة ذلك غير منطقية لأن الإنجليزية واللاتينية لغتان مختلفتان تمامًا عن بعضهما البعض.
منذ عشرينيات القرن الماضي، تعرض هذا النهج اللاتيني لانتقادات شديدة، واكتسبت الحجة ضد قواعد اللغة الإنجليزية في المدارس قوة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. كما زعمت الدراسات في اسكتلندا وإنجلترا في منتصف القرن العشرين أن موضوع قواعد النحو كان صعبًا للغاية بالنسبة للأطفال.
وتشير الأبحاث إلى أن تبدد القواعد النحوية من مناهج المدرسة الإنجليزية في عام 1960 يرجع أيضًا إلى زيادة التركيز على الأدب الإنجليزي. حيث كانت الفكرة أن يكتسب الأطفال القواعد النحوية المطلوبة بشكل أو بآخر مع تقدمهم في العمر.
كانت فترة السبعينيات نقطة تحول حينما نشرت الحكومة عدة تقارير انتقادية مستشهدة على وجه الخصوص بمستويات عالية من الأمية في إنجلترا وويلز، مما أدى إلى تحول جذري في سياسات التعليم ، حيث عادت على إثرها القواعد النحوية تدريجياً إلى الفصل الدراسي بدءًا من عام 1988 م.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أظهرت الأبحاث في السنوات التي تلت أن طلبة التربية والتعليم لم تكن لديهم المعرفة التي يحتاجونها لتدريس قواعد النحو. لاحظ باحثون في دراسة أجريت عام 1995 على 99 طالب تربية وتعليم في نيوكاسل – واتفق معهم لاحقا عدة باحثون – أنه بدون وجود مدخلات ذات مغزى أثناء عمليات التدريب، فإن هؤلاء المعلمون لن يفلحوا.
لماذا القواعد النحوية مهمة؟
تظل معرفة المعلمين بالقواعد النحوية مشكلة قائمة. حيث قامت دراسة حالة أجريت عام 2016 لمدرسة ابتدائية في شمال غرب إنجلترا (والتي تم تصنيفها بتصنيف “جيد” من قبل Ofsted) بتحليل البيانات التي جُمعَت على مدى عشرة أشهر من يونيو 2014 إلى مارس 2015 حول ما يعرفه المعلمون.
عندما سُئل المعلمون عن المصطلحات المحددة في المنهج الوطني، بما في ذلك الصفة، وأداة الربط، والمحددات، أجاب المعلمون على حوالي نصف الأسئلة فقط بشكل صحيح، وكان أداء طاقم التدريس الداعم أسوأ.
لماذا يجب أن نهتم بما إذا كان مدرسونا مجهزين على نحو جيد لتدريس قواعد النحو؟ في المقام الأول، يجب علينا أن نهتم لأنهم ملزمون بذلك. ومن المهم جدا أن يتمتع المعلمون بالمعرفة والثقة لدعم الطلاب من خلال المواد الأساسية، والتي سيخضعون للاختبارات عليها في الأوقات غير الوبائية على الأقل.
وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة أيضًا أن تدريس القواعد النحوية قد يعزز تطور الكتابة لدى الطلاب، وذلك لأن معرفة مفاهيم مثل الفعل المبني للمجهول أو الفعل المبني للمعلوم قد تخلق محادثات أكثر دقة وإنتاجية بين المعلمين والطلاب حول التأثيرات النصية والإمكانيات. وقد يمكّن هذا الأمر الطلاب من تشكيل كتاباتهم بطريقة أكثر وعياً.
يمكن أن تساعدهم القواعد النحوية أيضًا على تعلم لغات جديدة. فإذا كان لدى المتعلمين بالفعل وعي بالسمات اللغوية مثل الأزمنة، فإن ذلك يساعدهم على التعرف ومناقشة ما هو متماثل أو مختلف في لغة أخرى. وعلى الرغم من الحاجة الملحة للمزيد من البحوث والدراسات، إلا أن بعض العلماء أشاروا إلى أن تدريس قواعد النحو قد يحسن مهارات التفكير العامة.
نجح العديد من الناشرين في سد الفجوة التي خلفتها الحكومة وأنتجوا مواد داعمة لمساعدة طلبة التربية والتعليم على إتقان المصطلحات النحوية التي يحددها المنهج. ولكن الناشرين يعملون في سوق حرة دون إشراف من وزارة التعليم. بالإضافة إلى أنه لم يكن للمواد عمومًا أي مدخلات من النحويين الأكاديميين. وكنتيجة لهذا الأمر فغالبًا ما كانت تحتوي تلك المواد على أخطاء.
وهنا لسنا بصدد أخطاء إملائية فقط على سبيل المثال، هناك كتاب موجه إلى المعلمين يحلل “have” كفعل مساعد، وهو ليس كذلك، وتقترح أن الأفعال المساعدة تشكل الأزمنة، وهذا عارٍ عن الصحة. كتاب نحوي آخر يصنف don’t touch!”” (“لا تلمس!”) كأسلوب تعجب، بينما هو في الواقع مثال مباشر للأمر. ولا تختلف هذه الأخطاء عن الرأي القائل بأن حاصل ضرب سبعة في سبعة هو 48 ، في حين يعلم الطفل ذي السنوات الأربع بأن الحاصل هو 49.
علاوة على ذلك، فإنه من المعروف أن المعلمين يواجهون ضغوطًا وظيفية أكثر من غيرهم من المهنيين. وفي هذا السياق، قد لا يكون من المعقول أن نتوقع منهم أن يقوموا بشراء هذه المنتجات أو العمل بشكل مستقل على مواد تطوير مهنية في سبيل المواضيع ذات الأهمية الكبيرة.
حجتنا الأساسية هي أنه عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بأهمية القواعد النحوية، يكون المنهج الدراسي في صميم الموضوع. ولذلك، يجب على الحكومة تهيئة معلميها لتدريس تلك القواعد بنجاح. هناك حاجة مُلّحة لدراسة طبيعة الفجوات المعرفية التي يعاني منها المعلمون، إلى جانب تدريب هؤلاء المعلمين من قبل نحويين أكاديميين لمساعدتهم في تطوير المواد الدراسية الملائمة.
بقلم : فيليم هولمان | ترجمة: جهينة بني عرابة | تدقيق: منال الندابية | المصدر