الطب والصحةالعلوم التطبيقية

ثلاث طرق لذاكرة قوية حتى مع تقدم العمر!

بينما تتراجع الذاكرة بشكل عام مع تقدمنا في العمر، فَهذا بعيد كل البعد عن نهاية القصة. في الواقع، هناك أشياء معينة ما يزال كبار السن يتذكرونها جيدًا حسب قول الباحث آلان دي كاستل.

ذكرياتنا هي هوياتنا، لذا عملت في مختبري بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس على فهم كيف من الممكن تذكر ما يهمنا خاصة مع تقدمنا في العمر. يعد تدهور الذاكرة أحد الأشياء الأولى التي تقلق الأشخاص بشأن التقدم في السن، فمن الممكن أن يبدأ بعد سن العشرين، لذا فإن تزايد النسيان في عمر الستين أو السبعين هو أمر طبيعي في كثير من الأحيان. وعلى الرغم من أن قدرًا هائلًا من الأبحاث قد أظهر أوجه القصور التي تصاحب الشيخوخة، فمن السذاجة للغاية القول إن كبار السن يعانون من ضعف في الذاكرة. في الواقع، هناك العديد من الأشياء التي يتذكرها كبار السن جيدًا، وإليك نظرة على بعضها:

1. يميل كبار السن إلى تذكر الأساسيات.

يركز قدر كبير من أبحاث الذاكرة على ما قد يعده البعض منَّا عاديًا – قوائم الكلمات وأزواج أسماء الوجوه والدراسة واختبار الصور – وليس من الواضح سبب أهمية تذكر ذلك. ولكن ماذا عن الأشياء ذات الاهتمام الحقيقي؟

تخيل أنك تحزم أمتعتك لرحلة ما وتريد التأكد من أنك وضعت العناصر الأكثر أهمية؛ تلك التي سيكون نسيانها مكلفًا للغاية أو مزعجًا على سبيل المثال؛ جواز سفرك وبطاقاتك الائتمانية. كنت أتمنى أن ندرس الأشخاص في إجازاتهم لنرى ما نسوه، ولكن أنشأنا تجربة لفحص ذلك في المختبر، فوضعنا 20 عنصرًا ممكنًا قد تأخذها معك في رحلة على سبيل المثال؛ الأدوية، جواز السفر، واقي الشمس، فرشاة الأسنان، شاحن الهاتف، مزيل العرق، ملابس السباحة، الصنادل)
عندما طلبنا منهم لاحقًا أن يتذكروا العناصر، فإن كبار السن (كان متوسط العمر 68 عامًا) يتذكرون المزيد من العناصر التي شعروا أنها مهمة من البالغين الأصغر سنًا (متوسط العمر 20.4) ، على الرغم من أنهم تذكروا عناصر أقل بشكل عام. لقد أجرينا منذ ذلك الحين دراسات أخرى تظهر أن كبار السن سيكون لديهم ذاكرة أكبر للآثار الجانبية للأدوية المهمة من قائمة طويلة ولمسببات الحساسية الخطيرة للأحفاد مقارنة بالبالغين الأصغر سنًا.
أجرينا تجربة أخرى عندما توصلنا إلى قائمة من الكلمات لتذكرها. كان بعضها أكثر أهمية وأُقرِنَ بقيم أو مكافآت أعلى للنقاط، بينما كان البعض الآخر أقل أهمية ومرتبطًا بقيم أو مكافآت أقل. كان الهدف هو زيادة المكافأة الإجمالية للذاكرة إلى الحد الأقصى، وللقيام بذلك كنت بحاجة إلى تذكر الكلمات المقترنة بأعلى القيم، فوجدنا أن كبار السن يتذكرون عددًا أقل من الكلمات بشكل عام، لكنهم تذكروا نفس عدد الكلمات ذات القيمة الأعلى مثل البالغين الأصغر سنًا.

2. يميل كبار السن إلى تذكر ما يتعين عليهم القيام به في المستقبل.

في بعض الأحيان، تتضمن أهم الأشياء التي يجب أن نتذكرها إجراءات مستقبلية. وهذا ما يسمى “الذاكرة المستقبلية” وقد يكون على شكل تذكر تناول الأدوية في وقت معين، أو دفع فاتورة بطاقة الائتمان في تاريخ معين وإلا فسوف نتعرض لعقوبات. قد تكون الذاكرة المستقبلية أسوأ مع تقدم العمر إلا أن هناك استثناءات مهمة؛ فقد وجد الباحثون “مفارقة الذاكرة المحتملة”: على الرغم من ضعف أداء كبار السن في المهام المعملية للذاكرة المستقبلية، إلا أنهم ينجحون بشكل جيد في العالم الحقيقي.

فعلى سبيل المثال؛ في الدراسات البحثية قد يُطلب من كبار السن أداء مهمة مستقبلية مثل “عندما ترى كلمة رئيس في الصفحة التالية، من فضلك ارفع يدك”. في بعض الأحيان يركزون بشدة على القراءة لدرجة أنهم ينسون الرد عند ظهور كلمة “الرئيس” – لكن هل يعكس ذلك نسيان عدم تناول الدواء عند الظهر في يومين؟ كما يعلم الكثير منا، غالبًا ما طور كبار السن استراتيجيات لتحفيز ذاكرتهم المستقبلية، مثل وضع محفظتهم بالقرب من الباب الأمامي أو الأدوية التي يتناولونها بجوار نظاراتهم.
لسد هذه الفجوة بين اختبارات الذاكرة المرتقبة في المختبر والحياة الواقعية، طلبت إحدى الدراسات من الأشخاص الذين يأتون إلى المختبر إعادة بطاقات بريدية بالبريد كل أسبوع؛ أراد الباحثون تحديد كيفية مقارنة البالغين الأصغر سنًا وكبار السن في تذكر القيام بهذه المهمة التي تركز على المستقبل. ما فاجأهم، كان كبار السن هم الذين يرسلون بطاقات بريدية كل أسبوع.
بالطبع، يتذكر بعض كبار السن القيام بالأشياء بالطريقة القديمة؛ فهم يكتبونها في التقويم الذي يستخدمونه كل يوم. عندما اتصلت بجون وودن البالغ من العمر 97 عامًا، والذي تقاعد من مهنة أسطورية بصفته مدربَ كرة سلة، لتحديد موعد مقابلة كتب ذلك في تقويم. ثم اتصل بي في اليوم السابق ليؤكد أنني ما زلت على الموعد، لقد كان يُذكّرني!

3. يميل كبار السن إلى تذكر ما يثير اهتمامهم.

البشر فضوليون منذ سن مبكرة، فمثلًا يحب ابني الصغير مغامرات “جورج كوريوس” والتعلم عن العالم. يزدهر فضولنا مع تقدم العمر، لكننا عادة ما تختلف اهتماماتنا مع تقدمنا في السن. فلم تعد Curious George القراءة المفضلة قبل النوم لمعظم البالغين.

ولاختبار مستوى فضولك وذاكرتك، اقرأ الأسئلة العامة التالية، وحدد مدى اهتمامك بتعلم الإجابات (على مقياس من 1 إلى 10، بحيث يكون 1 غير مهتم على الإطلاق، و 10 مهتم للغاية)، و ثم حاول التوصل إلى إجابات (الإجابات في أسفل هذه المقالة):
ما الثديات التي تنام أقل كل يوم؟
ما أول منتج لديه باركود؟
ما الدولة الأولى التي أعطت المرأة حق التصويت؟

هذه أسئلة معلومات مهمة وصعبة إلى حد ما، وربما يكون بعضها ممتعًا لك أكثر من البعض الآخر. في إحدى الدراسات التي أجريت في مختبري، طُرِحَـت أسئلة على البالغين الصغار والكبار مثل تلك التي قرأتها للتو. واختيرت جميع الاستفسارات بحيث لم نكن نفكر في أن أيًا من المشاركين لم يعرف الإجابات الصحيحة. بعد ذلك، أعطى المشاركون تقييمًا للفضول- مما يدل على مدى اهتمامهم بمعرفة الإجابة.
ثم أُعطُوا الإجابات. بعد أسبوع، عُرضت نفس الأسئلة على نفس الأشخاص وطُلب منهم تذكر الإجابات. كان كبار السن يتذكرون ما كانوا أكثر فضولًا بشأنهم ونسوا الأقل إثارة للاهتمام، بينما لم يظهر البالغون الأصغر سنًا هذا النمط.
هناك متعة معينة في تذكر الأشياء التافهة واستيعاب معلومات جديدة حول العالم. لقد لاحظت أن الألعاب الأكثر شيوعًا في المراكز العليا ومجتمعات التقاعد غالبًا ما تتضمن هذا النوع من المعرفة العشوائية. يشعر الناس أحيانًا بالقلق من وجود الكثير من الحقائق الضالة في أذهانهم. ولكن على الرغم من أن الأمور التافهة قد تبدو ذات قيمة قليلة مفيدة، إلا أن حقيقة أنها ماتزال تثير الفضول وتبقى عالقة في أذهان كبار السن لا ينبغي تجاهلها.

4. حسنًا، قد ينسى كبار السن ما يفعلونه في غرفة معينة، لكن يمكنهم تنشيط ذاكرتهم.

يمكن لمحيطنا أن يؤثر في كيفية تذكرنا للأشياء. هل سبق لك أن وجدت نفسك في المطبخ ولم يكن لديك أدنى فكرة عما دفعك للذهاب إلى هناك؟ هذا أمر شائع للجميع، ولكن بشكل خاص لكبار السن. تشير بعض الأبحاث إلى أن المشي عبر المداخل أو عبور الحدود المادية قد يؤدي في الواقع إلى النسيان.

عندما تنتقل من مكان إلى آخر فإن المدخل إلى بيئة جديدة لا توفر الإشارات اللازمة لتذكر ما كنت تفعله في الغرفة الأخرى. عندما تدخل الغرفة الجديدة، يجب على عقلك إما أن يضع في اعتباره أو يعيد تكوين ما كنت تفكر فيه عندما كنت في الغرفة السابقة – لكن عقولنا غالبًا ما تتجول عندما نذهب إلى غرفة أخرى أو نبدأ في التفكير في شيء آخر.
أفضل طريقة لتذكر ما تحتاجه هي العودة إلى الغرفة الأولى حيث فكرت في الأصل في سبب حاجتك للذهاب إلى الغرفة الأخرى. يمكن لسياق تلك الغرفة الأصلية أن يُرجع نيتك الأولى. بالإضافة إلى ذلك، يعد المشي أحد أفضل الطرق للحفاظ على قوة ذاكرتك. مع المشي والوقت الكافي ستجد أن الذاكرة تعود في النهاية.

ملاحظة: لا تنشغل كثيرًا بما يمكنك وما لا يمكنك تذكره.

يمكن أن تكون معتقداتنا حول ذاكرتنا مؤثرة للغاية. في الواقع، لدى الكثير منا معتقدات وتوقعات سلبية حول تأثير الشيخوخة على الدماغ. هذا النوع من “تهديد الصورة النمطية” يمكن أن يجعل الناس يؤدون بشكل نمطي – بطريقة تتفق مع ما يعتقدون أنه متوقع منهم. فُحِص تهديد الصورة النمطية لتحديد ما إذا كان يتسبب في ضعف أداء كبار السن في اختبارات الذاكرة.

يبدو أن تصنيف شيء ما على أنه اختبار للذاكرة أو مطالبة الأشخاص بالقدوم إلى دراسة للذاكرة يثير القلق، وقد أظهرت الأبحاث أن إعادة تسميته بـ”ـاختبار الحكمة” (ثم إجراء نفس اختبار الذاكرة) يؤدي إلى أداء أفضل لدى كبار السن. لذلك لا ترتبك ولا تتعرق، في المرة القادمة التي تبدأ فيها بالقلق بشأن نسيان اسم عاصمة عالمية أو اسم ممثل مشهور وتتساءل عما يعنيه هذا بالنسبة لعقلك وذاكرتك، حاول ألا تتعرق.
ملحوظة: البحث هنا يشمل في الغالب كبار السن الأصحاء الذين أبلغوا عن تغيرات في الذاكرة في سن أكبر. ومع ذلك، إذا كنت تعاني من مشاكل ذاكرة متكررة ومقلقة، يجب أن تفكر في استشارة طبيب أعصاب.

إجابات الأسئلة أعلاه:
زرافة
علكة ريجلي
نيوزيلاندا


بقلم: صموئيل هاموند | ترجمة: زيانة الرقيشية | تدقيق: عهود المخينية | المصدر

 

زيانة الرقيشي

خريجة ترجمة عن حب من جامعة السلطان قابوس أميل لترجمة النصوص الأدبية ولدي تجارب في الترجمة العلمية والقانونية أسعى لأكون غدا أفضل مما أنا عليه اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى