مشكلة الحنين للماضي

بقلم : مايكل مستو

يؤكد مايكل مستو بأن ارتداء نظارات ذات عدسات وردية يؤدي دوماً إلى تشويهٍ غير منصف للحظة الحالية بأسوأ ما في الحاضر.

Sascha Kilmer/ Getty, Unsplash, Illustration by Katie Kosma

“الحنين لم  يعد كما كان” هو العنوان الهزلي لمذكرات الممثلة سيمون سينوريت، الفائزة بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة، والتي نُشرت عام 1978، وهي أصدق مما قد يكون. إن رؤية الماضي بعدسات وردية هو قصور متزايد في النظر، خاصةً مع إسهام التكنولوجيا بخطوات تقدم عملاقة بينما تضج أساليب التواصل السابقة بتقادم مذهل. عندما أقوم بكتابة مقالات كهذا المقال يدوياً في حاسوبي وأرسله إلى محرري بالبريد الإلكتروني، هل تظن حقاً بأنني أفتقد إلى الأيام التي كان يجب عليَّ فيها كتابة فقرة بواسطة آلة سميث كورونا الكاتبة البائسة، وعمل تغييرات بواسطة مُخفي الأخطاء الإملائية والمقصات والشريط اللاصق، ثم تسليمه باليد -أحياناً خلال عاصفة ثلجية أو عاصفة ماطرة- إلى الناشر، فقط للقيام بهذه العملية مجدداً عندما يتطلب إعادة الكتابة (بعد أن كانت عملية التحقق من المعلومات قبل غوغل تستغرق يوماً كاملاً)؟ هل تعتقد بطريقةٍ ما بأنني أشتاق للرجوع إلى ذلك الوقت حينما كُنت أخشى الخروج من المنزل لأنه قد تفوتني مكالمة عمل؟ (في السبعينات، لم تكن آلات الرد الآلي منتشرة ولم تُخترع الهواتف الخلوية بعد.) أو إلى الوقت الذي كنت أختصر فيه المكالمات -حتى مع والدتي- خوفاً من أن شخصاً أكثر أهمية، فيما يخص المهنة، قد يحاول الاتصال بي؟ (لا يوجد انتظار للمكالمة. عليك أن تُصلِّي بأنه إذا وجد أي شخص الخط مشغولاً سيُحاول الاتصال بك مجدداً. وأن لا يتحدث طويلاً.) يحنُّ بعض الأشخاص الناجين أو الشاهدين إلى بعض الأحداث الماضية هكذا “زمن البساطة” و”أكثر لحظة خصوصية”، ولكن لكاتبٍ مثلي، لقد كان في الحقيقة أكثر الكوابيس خصوصية.

****

كصحفي قديم يتم استدعاؤه عادةً لإعادة صياغة العقود الماضية في الثقافة للمقالات والأفلام الوثائقية، أنا بنفسي ليس لدي مناعة ضد الوقوع في الفخ الرجعي القديم في المبالغة بتمجيد الأشياء البالية والمدفونة، والشعور بالجزع من الأشياء الحديثة والحالية. “في أيامي …” هي عبارة أحاول جاهداً الابتعاد عنها، ولكنني لا أستطيع مقاومتها في بعض الأحيان لأنني في الحقيقة تواجدتُ في وسط العديد من المشاهد بالغة الأهمية وعشتُ لأخبر عنها، بالإضافة إلى أن الأشياء في أيامي كانت بالنسبة لي أكثر حداثةً وتشويقاً. بالتأكيد إن أول فيلم شاهدته كان أكثر إثارةً من الفيلم الذي شاهدتهُ الليلة الماضية، وأول فرض كتابي لي كان أكثر سحراً من هذا المقال (على الرغم من أنني لم أفضل تسليمه باليد في عاصفةٍ ماطرة). إن التمسك بتلك الحداثة بعد كل هذه السنوات كعقاب ضد أكثر الأمور تطوراً حالياً كالمشي على لغم أرضي، لأن الماضي آمن ورائج. لقد وقع الفأس بالرأس ، لذا لا يمكن تحويل أو تغيير المسار. إنه جدير بالثقة ومريح، ولن يصل بك إلى درجة التهديد أو التحدي، خاصة وأنه مشوّه بشكل غامض من خلال عدسة الذاكرة. إن أي استياء يواجه الناس في حياتهم الحالية قد يدفع بهم إلى المبالغة في الحنين إلى الأيام الخالية، على الأغلب لأن ما تواجهه الآن حقيقي بشكلٍ واضح، بينما ما حدث في الماضي يشبه فيلما بالأبيض والأسود تستطيع تلوينه متى شئت. وفي عملية التذكر، فإننا نعمد إلى إخفاء جميع النواحي المرعبة للتكنولوجيا القديمة بمخفي الأخطاء العقلي الخاص بنا، كالآلات الكاتبة، والتي تُعيدنا للخلف. (لقد فعلتُ ذلك عندما طلب مني محررٌ جديد استخدام أحدث تكنولوجيا: مساعد التحرير في مستندات غوغل.)

****

إن رؤية الماضي بعدسات وردية هو قصور متزايد في النظر، خاصةً مع إسهام التكنولوجيا بخطوات تقدم عملاقة، بينما تضج أساليب التواصل السابقة بتقادم مذهل.

****

تحدث إحدى سلوكيات الحنين المعتادة سواءً عاش الناس في الماضي أم لا – حين يقومون بتكاسل بمقارنة أفضل ما في الماضي بأسوأ ما في الحاضر. في هذه الحالة فإن الماضي يفوز دائماً. إن بعض التعليقات مثل “فيلم غوتي Gotti ليس كفيلم كازابلانكا Casablanca“؛ “لا يمكن مقارنة دونالد ترامب بـ جون إف كينيدي”؛ و”التغريدات ليست ثقافية كالكتب” عديمة الفائدة لأنها تقلل من فترات المقارنة إلى معادلة زائفة ليس لها وزن على أية حال. وهكذا، إذا استطعنا عكس قوانين اللعبة للحظة، فإن فيلم روما (Roma) بكل تأكيد أفضل من فيلم هوارد البطة(Howard The Duck) .

يلجأ الناس أيضاً للنظر بشوق وحنين إلى سنواتهم الجامعية، وأنا واحدٌ منهم، أتذكر بولع التجارب المهمة الجديدة، مغامرات التعلم، والأنشطة الجماعية التي قمت بها عندما كنتُ مراهقاً في كلية كولومبيا. من الأمور التي عادةً ما تغيب عن بالي هي أنني في الحقيقة كنت أعاني من حساسية جلدية مزمنة والتي ازدادت سوءاً بعد استخدام مستحضرات فازلين للعناية بالبشرة، بالإضافة إلى أنني كنتُ شديد الخجل، وعانيتُ من اكتئابٍ حاد، ولم تكن لديّ أدنى فكرة عما سأفعل بعد التخرج. كانت هذه المرة الأولى لي بعيداً عن المنزل، لذلك شعرتُ بالتشويش بشكل جديّ وكأنني أُجبرتُ على النضوج بسرعة كبيرة لم تكن مريحة لي. في النهاية عملتُ ككاتبة عمود ثرثرة. ولكن بالعودة إلى كولومبيا، لم تكن لدي أدنى فكرة كيف سيصل بي الحال لدفع الإيجار أو ما إذا كنتُ سأظل على قيد الحياة. ولكن عندما يسألني الناس عن الكلية، عادةً ما أخبرهم بأنها كانت عبارة عن أربع سنوات مثيرة للدهشة، قامت بتوسيع مداركي وفُرصي.

وبعد ذلك أتت أيام المجد المزعومة للثقافة الأمريكية والتي خضتُ تجربتها – الماضي الأسطوري. يتم غالباً ذكر مدينة نيويورك في أواخر السبعينات في الوقت الذي كان فيه الملهى الأسطوري استوديو 54 يجذب الأعداد الغفيرة من الناس الذين يرقصون ويحتفلون بدون قيود. لقد كُنت من القلة المحظوظين الذين تم اختيارهم للدخول (عادةً)، ولكن ما ينساه أغلب الناس أن ذلك الملهى نشأ كطريقة ممتعة للتأكد من سلامة عقلك عند الباب ومن ثم ترقص طوال الليل إلى أن تسقط أرضاً. خسرت الحكومة ثقة شعبها بعد الحرب في فيتنام وفضيحة ووترغيت. وكانت مدينة نيويورك كئيبة وبائسة خاصةً في هذه النقطة، لذلك اصطف الناس لينسوا أنفسهم في بعض المُتع الطائشة وصفوف الرقص. وقد كانت متعةً عظيمة للمحتفلين – فقد كان الطابق السفلي خاصاً لمخدرات المشاهير، والشرفة في الطابق العلوي لممارسة الجنس المجهول، أما الطابق الرئيسي فقد كان للرقص – ولكن لا شيء يدعو للتفاخر، خاصةً عند انتشار الأسلوب الفكاهي الآخر والذي كان عرضةً للاستنكار متضمناً صوراً “لوجه سعيد” ومسلسلات فكاهية سخيفة مثل (Three’s Company). غالباً ما تضيع الرسالة الكامنة في الحديث عن التاريخ – حيث يتم ذكر أنغام الملهى الجذاب والملابس الرائعة فقط، ولا تُذكر الدوافع الخبيثة التي ترمز إليها. لقد امتلكتُ زمام أموري أكثر في الثمانينات، عندما كنتُ أكتب عموداً بشكل أسبوعي في جريدة (Village Voice) ، ووجدتُ نفسي وسط المشهد المزدهر للنادي الليلي، المليء بالبوهيميين والفنانين. ويستغل العديد من هؤلاء الأشخاص هذا المشهد لجذب الصحافة في طريقهم لتحقيق النجاح العام. لقد كنتُ أحد المروجين الإعلاميين الأساسيين لهم، لذلك كنتُ محاطاً بالرائعين كل ليلة، كذلك بالعديد من معدومي المواهب المروعين الذين يحاولون ابتكار أي طريقة لجذب الانتباه. ولجعل حقبة النادي المبهر عظيمة، فقد برزت العديد من الأمور كالمترفين، ورفع المستوى الاجتماعي، والتواصل على مدار الساعة، وعناد مادونا، والقيادة الهمجية – وهو تصرفٌ ينمُّ عن نظرة ضيقة شاهدتهُ عن قرب (والذي يُذكر الآن كفعلٍ محبب). لقد جلب عصر التسريحات الكبيرة بعض الأفلام الصاخبة (باهظة الثمن) لدرجة الصمم (Heaven’s Gate في عام 1980، Ishtar في عام 1987) وربما أسوأ أربع مسلسلات على الإطلاق: Punky Brewster  (يتحدث عن طفلة مزعجة ورجل عجوز)، Small Wonder (مهندس روبوتات يعامل روبوتاً كئيباً كابنته)، و She’s The Sheriff (عودة سوزان سومرز التي جعلت من مسلسل Three’s Company يبدو وكأنه أحد أعمال آينشتاين.) في الموسيقى، كانت دندنة فيل كولينز “Sussudio” ذات مستوى متدنٍ، بالإضافة إلى أغنية بوبي مكفيرن المرحة “لا تقلق، كن سعيداً”  “Don’t Worry, Be Happy” (والتي كانت دائماً تُشعرني بالاكتئاب) وميلي فانيلي المبتذلة المزورة، البوب الثنائي الملقب بلينا لامونت في “الغناء في المطر” “Singin’ in the Rain” .

***

كان مسرح برودواي يمر بنفس الدوامة، ففي عام 1985 تم استبعاد ثلاث فئات رئيسية من جائزة توني بسبب ندرة المواهب المعروضة التي تستحق التكريم. كما حدث مع “الحافة” والتي يفتقدها العديد من سكان نيويورك بشدة، إن ذلك لم يشمل الفنانين المناضلين الذين يحاولون القيام بعملهم فقط؛ بل شمل أيضاً عمليات سرقة وجرائم أخرى، تزامنت مع الخسائر الفادحة لمرض الإيدز، وعندما غض الرئيس ريغان النظر عنها انتفضت الثورة مشتعلةً لتقاوم ذلك. لقد كان الذهاب إلى تلك النوادي بحيث يمكنني الحديث مع الرائعين والمروعين مخيفاً،  إذ كان عليك النظر خلفك مراراً وأنت تسير في الشوارع، وفي بعض الأحياء الملي بالجرائم مثل Hell’s Kitchen، حيث الشوارع المنعزلة والمخيفة يتعين عليك أحياناً الجري أسرع من عداء الأولمبياد. أما اليوم فلا يوجد “أحياء سيئة” في مانهاتن تقريباً. وبشكلٍ عام فإن الأشخاص الذين يشتكون من أن نيويورك قد فقدت حافتها إما أنهم يسكنون في سكنات تعاونية شاهقة أو أنهم قد انتقلوا بعيداً إلى مدنٍ أخرى بحيث يمكنهم امتلاك شرفة ومرآب. وبينما أصبحت مانهاتن مقاماً للأثرياء وسلسلة من المحلات التجارية، فقد انتقلت الحافة إلى أحياء أخرى، كبروكلين، حيث يعود فضل ازدهار الحياة الليلية والعروض الفنية لأفضلية المكان والخيارات الاقتصادية. وهكذا، فإن الحافة القديمة لم تكن كلها رائعة والحافة الجديدة لم تذهب كلياً، ولكنه من السهل على البعض أن يقللوا من ذلك بصرخة مملؤة بالحنين “أحب الثمانينات!”

***

إن الحنين إلى التسعينات رائج جداً هذه الأيام، كإعادة مشاهدة المسلسلات، والموسيقى المستوحاة من الأفلام بداية من Pretty Woman إلى Clueless، والعديد من المسلسلات التي تعيد تمثيل الجريمة في الشاشة الصغيرة. تميل الثقافة بشدة للرجوع لعقدين من الزمن بعد كل فترة زمنية، كمهاجمة خزائن شبكة بن لادن لإثارة بنوك الذاكرة والحسابات البنكية لدى الناس. ولكن العقد الذي أحضر لنا أو. جيه. سيمبسون، وجون بنيت رامسي، وأندرو كونانان، وجون واين بوبيت، وجريمة قتل نادي الأطفال، والإخوة مندينز (الذين تم القبض عليهم في مارس 1990)، وودي ألن وسون يي بيرفين، وعلاقة بيل كلينتون بمونيكا ليونسكي لم يكُن مثيراً للحماس. أضِف كذلك حملة عمدة مدينة نيويورك رودي جيولياني ضد الحياة الليلية في مانهاتن حينما جعل المدينة أكثر بساطة، إضافةً إلى تطور تلفاز الواقع، وموسيقى الـ غرنج ، وعارضات الأزياء، وقنوات المشاهدة حسب الطلب (وفجأةً فضّل جميع أصدقائي الالتصاق بالتلفاز عن التسكع في المدينة)، ولم أستطع الانتظار لحين 31 ديسمبر 1999.

***

قريباً، سيحين الوقت لنهضةٍ تافهة لا مفر منها – والتي يتابعها المراهقون بالطبع – عندما سنرى المسيرات في الشوارع من أجل إحياء ذكرى صعود أيقونة الثقافة المهمة باريس هيلتون، أو الاحتفاء بالظهور المتألق لعشيرة الكارداشيان، بينما في الواقع يقومون بسرقة ما تبقى لدينا من خلايا المُخ بعد تلك الأيام المُتلِفة للأعصاب والتي قضيناها في قراءة منشورات فيسبوك عن أوشام آدم ليفنز وانهيارات روزان. ها أنا أقع في فخ الاستهانة بالحاضر مجدداً. دعني أسحق تلك العدسات الوردية مرةً وللأبد وأُعيد النظر بعينيَّ. في الحقيقة نحن لا نملك فقط جماعة الكارداشيان، والصور الشخصية، والوسوم، و”المؤثرين” المزعجين. لدينا أيضاً جوردان بيل، ولين مانويل ميراندا، وإيميلي بلنت، وآدم مكاي. لدينا كذلك شركة Fresh Direct وأطباق poke bowls  والكرنب والمراسَلة ومليون برنامج لتوزيع الجوائز. لدينا ماكسين ووترز، والدراجات الكهربائية، وبرنامج RuPaul’s Drag Race ، وشركة Open Table، ومواقع الأنساب. بينما ساعدت برامج المواعدة على سلب القوة من الحياة الليلية – لأنك لا تحتاج للذهاب إلى الحانة أو النادي لتلتقي بشريك- لقد أصبح الوصول إلى الحُب أكثر سهولةً بالتأكيد.

***

“عندما يُخيَّل إليَّ في أي وقت بأن يتم نقلي كإنسان بالغ للوراء لحقبة الستينات، حيث السلام والحُب والموضة العصرية، أُذكر نفسي بأنها الفترة التي كان يُقبض فيها على المثليين عندما يمسكون أيدي بعضهم البعض.”

***

عندما يُخيَّل إليَّ في أي وقت بأن يتم نقلي كإنسان بالغ للوراء لحقبة الستينات، حيث السلام والحُب والموضة العصرية، أُذكر نفسي بأنها الفترة التي كان يُقبض فيها على المثليين عندما يمسكون أيدي بعضهم البعض، وأنه كانت لدي فرصٌ قليلة لأنجح على ما أنا عليه الآن. لذلك أعتقد بأن الوقت الحاضر عظيم! لقد فعلتها وما زلتُ هنا! بالتأكيد، يوجد العديد من الأمور المزعجة، ولكنها كانت وستظل دائماً موجودة. دعونا نتفق على الاعتراف بأن الوقت الحالي هو العصر الذهبي لبعض الأشياء (تدفق المعلومات، الأفلام الوثائقية، تنوع وسائل الترفيه، والمطابخ الهجينة)، بينما لم تكن العديد من إنجازات السنوات الماضية مهمة مثل “قواعد السلوك”، والتدخين، ولورنس العرب. أما أولئك الذين يكرهون دونالد ترامب وشعروا فجأةً بالحنين إلى جورج “دوبيا” بوش، دعوني أذكركم بأنكم في أحد الأيام وقفتم احتجاجاً حين قام بتدبير تهديد لدمار شامل حتى نكون جزءاً من حربٍ آثمة. هل تتذكرون؟؟؟ ميشيل أوباما تحب “دوبيا” وترامب لا يحبه، ولكن لا ينبغي لهذا أن يُترجم ضمن إعادة كتابة التاريخ الديموقراطية وجعله من الأبطال المتأخرين.

***

موافقون؟ والآن دعوني أضغط على زر “الإرسال” حتى أتمكن من التعامل مع التعديلات المقترحة في مستندات جوجل.

 


بقلم : مايكل مستو | ترجمة : ميثاء الراشدي | تدقيق الترجمة : مريم الغافري | تدقيق لغوي وتحرير : بسام أبو قصيدة | المصدر

Exit mobile version