بعدَ أن انتهيتُ من كتابةِ “بولا”، لم أستطِع كتابة أيَّةَ روايةٍ لمدةِ ثلاثِ سنواتٍ تقريبًا ،إنني أعتقدُ الآن أن يَنبوعً القََصصِ لديّ قد جفَّ إلى الأبد. ثُمّ تذكرتُ أنني صُحفيّةٌ من خلال التدريب، وإذا أُعطيتُ موضوعًا و وقتًا للبحث، أستطيعُ أن أكتبَ عن أيّ شيءٍ تقريبًا (حسنًا، إلا الرياضةِ والسياسة). أعطيتُ نفسي موضوعًا حتى أخرجَ من حالةِ الحُزنِ التي لديّ، وانتهى الأمرُ بكتابةِ ” أفروديت”، وهو انفصالُ الشهوةِ عن الشُّعور، والخَطايا القاتلةَ الوحيدةَ التي تستحقُّ العَناء.
البحثُ في هذا الكتاب سحبنِي من الاكتئابِ وأعادنِي إلى طبيعتي. وكانت الأعراضُ الأولى حلمٌ مثيرٌ للشهوة. حلمتُ بأنني كنت عاريةً أتمايلُ على أنطونيو بانديراس (التورتيا المكسيكي)، وكانَ هذا العملُ علاجٌ عن طريقِ الكتابةِ عن الطعامِ والحُب. وبعدَ وقتٍ قصيرٍ من نشرِ أفروديت، بدأتُ روايةً عن ذروةِ البحثِ عن الذّهبِ في كاليفورنيا، اسمُها “ابنةُ الحظِّ ” إنها قصةُ إليزا سومرز، وهي فتاةٌ يتيمةٌ تكفَّلت بها عائلةٌ بريطانيةٌ في ميناءِ فالبارايسو التشيليّ في منتصفِ القرنِ التاسعِ عشر. في السادسةِ عشر من عمرِ إليزا لحِقَ بها عاشقُها إلى كاليفورنيا، حيثُ ذهبَ للحصولِ على ثروتِهِ عن طريقِ البحثِ عن الذّهب. اعتقدتُ أنني كنتُ أكتُبُ قصَةَ حبٍّ، ولكنّ في الحقيقةِ هذه الروايةُ كانت عن الحريّة، وهو موضوعٌ متكررٌ في حياتِي.
مثلُ إيليزا سومرز، كنتُ عازمةً من وقتٍ مبكرٍ جدًّا على العثورِ على طريقِي الخاص. وهذا جعلَ منّي نسويةً في وقتٍ وفي مكانٍ كانت فيه النسويّة مُساويةً لفكٍر شيطانيّ . جاءَ بعدَ ذلكَ “صورةً في البني الداكن”، والتي تجري أحداثُها في شيلي خلالَ النِّصفُ الثاني من القرنِ التاسعِ عشر. إنها قصةُ “أورورا ديل فالي”، حفيدةُ إيليزا سومرز. وعلى الرَّغم مِن أنّ لا تِتَّمة لها، إلا إنهُ يُمكن قراءَتُها بشكلٍ مُستقل، والكتابُ يلتقطُ عدّةَ شخصياتٍ من ابنةِ فورتشن من روايتي الأولى “بيتُ الأرواح”. (يمكن اعتبارُ هذه الكتبُ الثلاثة ثلاثية.) تعاني أورورا ديل فالي من صدمةٍ في سنٍ مبكرةٍ جدذًا فهي منقطعة ٌعن ماضِيها: فهي لا تستطيعُ أن تتذكرَ أيُّ شيءٍ منذُ سنواتِها الأولى. كان سعيُها هو كشفُ أسرارِ حياتِها وأسرارُ الأسرة. “صورة في البني الداكن” هو روايةٌ عن الذاكرة، و الذاكرةُ هي موضوعٌ مثل الحريّة، التي هي ذاتَ صِلةٍ بشكلٍ خاصٍ في حياتي. لقد تم السفرُ دائمًا، أنا لا أنتمي إلى أيُّ مكان، جذُورِي في ذاكرتِي، كلُّ كتابٍ هو رحلةٌ إلى الماضِي، في روحِي، وإلى الذاكرة. الروايةُ التاريخيةُ هي مسعَى رائع، أثناءَ كتابةِ الرواياتِ الثلاثِ من هذه الثلاثية دخلتُ آلةَ الزمنِ وعدتُ إلى عامِ 1848، ثم انتقلتُ إلى الأمامِ على طولِ الطريقِ إلى عامِ 1973، وهي فترٌة أكثرَ من مائةِ سنة. أيمكنُكَ أن تتخيلَ البحثُ في هذا الأمر؟
في عامِ 2001 كتبتُ روايةً للأطفالِ والشّباب: مدينةُ الوحوش. كانت تحتوي على الكثيرِ من المَرَح! إنَّها قصةُ “ألكسندر كولد”، وهو صبيٌّ أمريكيٌّ يبلغُ منَ العمرِ 15 عامًا، يذهبُ في رحلةٍ إلى منطقةِ الأمازون، حيثُ يلتقي فتاةً غريبةً تُدعى “نادية سانتوس”. يخوضانِ معًا تجربةُ مغامرةٍ سحريةٍ بين هنودِ العصرِ الحجريّ.
بالإضافةِ إلى اثنينِ من الكتبِ الأخرى التي تضمُ بعضَ الأطفال مثل: “مملكةُ التنينِ الذهبي” و”الأقزامُ في الغابة”، وكلُّ هذا الخيالُ هو سيرةٌ ذاتيةٌ في نهايةِ المَطاف، وأنا أكتُب عن الحبِّ والعُنف، عن الموتِ والِفداء، عن النساءِ القوياتِ وغيابِ الآباء، حولَ البقاءِ على قيدِ الحياة. معظمُ شخصياتِي من الغُرباء، والناسِ الذينِ لا يحميهُم المُجتمع، غيرِ التقليديين، غيرِ المحترمين، الجريئين.
بقلم: إيزابيل الليندي | ترجمة: محمد السنيدي | تدقيق: موزة الريامية | المصدر