أفكار بلا قيود: حوار عن 10 أفكار ساهمت في تغيير مجرى التاريخ

1. الأفكار الفلسفية لأفلاطون – كما تشرحها أنجي هوبز | محاضرة في الفلسفة بجامعة وارك البريطانية

كان أفلاطون يؤمن بأن للبشر جميعًا رغبة في الازدهار، وأن الفلسفة هي السبيل إلى هكذا رغبة. في زمن أفلاطون كانت الفلسفة مجالا بحثيا حديثًا، ولذا فإن إحدى أكثر أفكاره راديكالية هي فكرة التساوي بين الازدهار والسعادة البشرية، وبين ما يطلق عليه التآلف الداخلي للوجدان.
وإذا قارنّا أفكار أفلاطون بأفكار هومر والشعراء الإغريق الذين سبقوه، نجد أن فكرة السعادة دائمًا ما ترتبط بعوامل خارجية. أفلاطون كان يعتقد أن العدالة والمصداقية هما جانبان ينبعان من الذات الداخلية للإنسان، حيث يرتبطان بالحالة الداخلية للروح. وهذا الاعتقاد هو نفسه المبدأ الذي طوره المسيحيون لاحقًا ليصبح ما نعرفه بمصطلح “الضمير”.
وكان لهذه الفكرة تأثير كبير على التوجه الأخلاقي والديني في الغرب وكان لها جانب كبير من الأهمية في التطورات التي وقعت لاحقًا في الديانة المسيحية.

2. نظرية مركزية الشمس لنيكولاس كوبرنيكوس كما يناقشها الدكتور روبرت ماسي | الجمعية الملكية للعلوم الفلكية.

غاليليو غاليلي لم يكن أول علماء الفلك الذين تحدثوا في موضع دوران الأرض حول الشمس، والفضل أيضًا لا يعود إلى نيكولاس كوبرنيكوس وذلك لأن أول عهد لهذه النظرية يعود إلى 2000 سنة قبل ذلك تحت جملة النظريات التي اقترحها عالم الفلك الإغريقي أريستاركوس. ومع ذلك فإن اكتشافات غاليليلو ساهمت في تقديم الأدلة الكافية لدعم هذه النظرية.
اكتشف غاليليو بقعًا شمسية وكان أحد أوائل المستكشفين الذين حاولوا فهم الأقمار التي تدور حول كوكب المشتري مما أدى لاستنباط أن كوكب الأرض ليس مركز الحركة الوحيد في المجرة.
كان أيضًا من أوائل الذين فهموا أن مجرة درب التبانة ليست مجموعة من الأضواء المتلألئة في السماء، وأنها في الحقيقة تتألف من عدد كبير من النجوم. جميع تلك كانت اكتشافات مهمة في مجال الفلك، ولكن الأمر الذي ندين به لغاليليو هو أنه فتح المجال لباب نطلق عليه حاليًا باب الاستقصاء العلمي في مجال النجوم والفلك بما يساعدنا على التعرف إعلى حقائق الأمور وما يقع خلف ما تراه العين المجردة.

3. فكرة الكوجيتو الديكارتي كما يطرحها البروفيسور جون كوتنغهام | محاضر في الفلسفة بجامعة ريدينغ وأحد المشاركين في مجلد كامبردج للدراسات الديكارتية

العبارة الشهيرة:cogito ergo sum والتي تعني “أنا أفكّر إذًا أنا موجود” كانت حجر الأساس الذي بنى عليه ديكارت وضع الانسان في مركز الثقل – أي أنه أصبح نقطة الانطلاق التي يبني عليها دراساته كلها بدلًا من البدء من الفيزياء ودراسة العالم الطبيعي، وذلك باعتبار أن الإنسان هو الوسيط الناقل لهذه العلوم بصفة انفرادية. فصل ديكارت كذلك بين العقل والمادة وهي المجال العلمي المعني بالأجزاء الكمية من واقعنا الملموس، والتي لا يمكن أن نبررها فقط بالعلم، وهنا على وجه التحديد يقصد الفكر والوعي.
لا اختلاف في أن ديكارت نال لقب “أب الفلسفة الحديثة” دون منازع؛ فأفكاره حول وجود الوعي والفكر خارج دائرة العلوم الطبيعية هي من الأمور التي ما نزال نحاول فهمها.
وبفضل أفكاره تلك فإن المجال قد أصبح مفتوحًا لدراسة المساحات السيكولوجية وكذلك دراسة الوعي والتأويل حسب وجهات النظر.

4. قانون الجذب العام كما يشرحها البروفيسور مارتن ريز | محاضر في علوم فيزياء النجوم و الكوزمولوجيا بجامعة كامبردج

نظرية نيوتن كانت أول المحاولات الناجحة في استخدام الرياضيات لفهم العالم الطبيعي من حولنا، فبإمكاننا التنبؤ بأي كسوف أو خسوف سيحدث خلال القرن القادم بفضل اكتشاف المدارات حول الكواكب وطريقة دورانها بانتظام ولولا نيوتن لكنا قد قضينا على الأقل قرنًا آخر في محاولة فهم مبادئ عملها الأساسية. ومبدأ دوران الكون كعقارب الساعة (أي أن هنالك قواعد رياضية تحكم كوننا الشاسع) كان أحد أهم الاكتشافات في القرن الثامن عشر، وما يزال قانون نيوتن للجاذبية أساس عدد من البرامج التي تقوم بإرسال الصواريخ والأجسام المجريَّة إلى الفضاء الخارجي.

5. مبدأ عدم التدخل في الاقتصاد الذي توصل إليه آدم سميث كما يشرحه جوزيف ستيغليتز | الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001 ومدير مؤسسة بروكس وورلد لمكافحة الفقر في جامعة مانشستر البريطانية.

أساس هذه الفكرة الاقتصادية العظيمة – أو أحد أساساتها القويمة أن الإنسان – بدون شك – سوف يقاد للقيام بما فيه المصلحة الجماعية أثناء انقياده تجاه مصلحته الشخصية.
ويعد هذا النوع من الفكر ثوريًا لأنه يؤيد أن الحاجة لأن تكون “خيرًا” لكي تضمن استمرارية المصلحة الجماعية أو الخير الأعظم. كل ما تحتاجه هو وجود نظام اقتصادي قائم.
مبدأ عدم التدخل هو المظلة التي بنيت تحتها إيديولوجيات مختلفة مثل الأيديولوجيا التاتشرية، والسياسات التي ينشرها البنك الدولي لدول العالم النامية، وكذلك بعض الأفكار المحورية التي بنيت عليها بعض من سياسات جورج بوش. ولكن هناك طرف آخر لمبدأ عدم التدخل لا يتطرق إليه مناصرو السوق الحرة وهو الحاجة للتدخل الحكومي في بعض الجوانب المحددة. إن اليد الخفية التي يتحدث عنها سميث ربما تكون قد اختفت إلى حد ما الآن، ولكن تأثيرها حاضر بطريقة غير مباشرة من حولنا.
وأحد الدروس المستفادة من هذه الفكرة هو أن للسوق قوة هائلة، وأن التخلي عن عدد من الشروط التي تحدد التجارة أدى إلى تعريض الدول النامية إلى الحاجة لحصول على عدد من المساعدات من المواد الزراعة المدعومة بما يدمر القدرات الزراعية للبلدان في حد ذاتها وهذا هو أحد الأسس التي تقف عليها مشاكل كبيرة مثل المجاعات.

6. تحرير المرأة كما تناقشها لين سيغال | بروفيسورة في علم النفس والجندر في جامعة بركبيك البريطانية

“دفاعًا عن حقوق المرأة: القيود السياسية والأخلاقية” الصادر في عام 1972 هو أحد أهم المؤلفات التي تبين أن المرأة كانت دائمة الحضور في اللحظات التاريخية التي تستدعي التفكير بصورة راديكالية في مجال تحرير فكرها.
وكانت ماري ولستونكرافت تنتقد الطرق التي تحتجز المرأة فيها ضمن أطر القيود الأنثوية التي كانت ولستونكرافت تعتقد أنها تقلل من قيمة المرأة. وفي نهاية القرن التاسع عشر كانت هذه الأفكار الراديكالية تشغل النساء وتقر مضاجعهن، حيث أن معظمهن كنَّ يؤمنَّ بأنها شديدة التطرف. وظل الحال على هذا النحو حتى الموجة الثانية للنسوية في ستينات القرن الماضي، فوقتها عادت أفكار ولستونكرافت للظهور وذاع صيتها.
وربما لو لم تكن مؤلفات ولستونكرافت موجودة لكانت قد كتبت هذه المؤلفات أمرأة أخرى، لأنني لا أؤمن بانفرادية الأفكار العظيمة التي تغير مجرى التاريخ. صحيح أن ولستونكرافت كانت كاتبة عظيمة، إلا أنني لا أرى أن شخصًا واحدًا فقط قد يأتيه هذه الالهام بمعزل عن العالم.

7. التحليل الماركسي للرأسمالية كما يناقشه توني بين | كاتب وسياسي

تكمن أهمية التحليل الماركسي في كونه قد درس مراحل تطور الرأسمالية الحديثة، وكان يزعم أن النزاع في عالمنا لا يقع بين الجنسين أو بين الأعراق؛ بل هو بين الـ 95% الذين يصنعون ثروات العالم و الـ 5% الذين يملكون هذه الثروات.
كان تحليله لصراع القوى واضحًا بما يسمح للأشخاص الذين يتم استغلالهم أن يبنوا وعيًا حيال وضعهم وحالة الاستغلال التي يعيشونها.
أعطانا ماركس أفضل تفسير للأحداث العالمية التي كانت تحدث وقتها، والأحداث التي تسببت بما نرى عليه العالم الآن.
الرأسمالية تحكم العالم، ولكن الناس قد بدأوا يفهمون مصدرها وطريقة عملها الآن فقط.
وعلى سبيل المثال، ساعد تحليل ماركس العالم على فهم أن الولايات المتحدة قامت بغزو العراق لأنها تريد النفط الذي تملكه.
ومن الجدير بالذكر هنا أن ماركس لم ينس البعد الأخلاقي لهذه القضية. كان من السهل أن يكتب أحد ما عن الرأسمالية، ولكن الاعتراف بأنها سيئة كان ما يميز تحليل ماركس عن غيره.
أرى أن أفكار ماركس تعقّد فكرة الديمقراطية وتغنيها، بيد أن ستالين نجح في تغيير معانيها بما يتناسب واتجاهاته الدكتاتورية، ولذا لا نستطيع أن نلوم ماركس على هذه النسخة من التأويلات لأفكاره.
إن علاقة تأويلات ستالين لأفكار ماركس بأفكار ماركس الحقيقية تشابه بالضبط علاقة الحملات الإسبانية الغازية بالديانة المسيحية ونشرها.

8. نظرية العقل الباطن كما تحللها البروفيسورة سوزي أورباخ | محللة نفسية وبروفيسور زائر في علم الاجتماع في كلية لندن للاقتصاد

كان فرويد يبحث في جوانب السلوك البشري التي يقودها العقل الباطن، والتي تجعل الإنسان يقدم على أفعال لا تطرأ بالضرورة في عقل الإنسان الواعي، أو لا تتماشى مع مصلحته بشكل عام.
وكان فرويد أول من يقول أننا إذا جعلنا أحدهم يسهب في الحديث تحت عدد من الظروف أو في مكان معين فإنه سوف يكتشف أشياء عبر زلات اللسان أو الأحلام، وقد تكون هذه الأشياء المكتشفة أكثر تعقيدًا من القصص التي يرويها الشخص عن نفسه.
فتحت هذه النظرية الباب لعدد من الأفكار المرتبطة بعلاقة الإنسان بعقله. وأن العلاقة بالعقول الأخرى يجب أن يكون كله! محطًا للدراسة.
ليس من الخطأ أن نقول أن كل ما نعرفه عن الفن والثقافة والسينما والرومانسية والمشاكل بين الجنسين – جميعها تتأصل في لحظات فرويدية تخبرنا بأننا أكثر تعقيدًا مما نتخيل. ونحن الآن في مرحلة ما بعد فرويد نؤمن يقينًا بأن المشاعر أحد العناصر المهمة التي تحفز السلوك البشري على اختلاف شاكلته، وبذلك نكون قد طرحنا القناعات المنطقية البحتة أرضًا.

9. نظرية النسبية كما يناقشها البروفيسور براين كوكس | باحث أكاديمي في الجمعية الملكية

غيرت نظرية آينشتاين العالم بأسره، بيد أن هذا لا يظهر للعيان للوهلة الأولى لأن النظرية بحد ذاتها نظرية غريبة لا محالة.
تنص النظرية أن فكرة الوقت الواحد هي فكرة غير صحيحة: إذا كانت ساعتك تشير إلى وقت محدد، فإن ساعة أخرى في مكان آخر تدق بسرعة مختلفة، وهنا تكمن الغرابة.
لكن هذه الغرابة هي الأساس المتين الذي بنيت عليه جميع النظريات الحديثة، سواء كانت نظريات المجالات المغناطيسية أو التيارات الكهربائية أو رقاقات السيليكون أو الموصلات وغيرها – جميعها مبنية على النظرية النسبية.
نظرتنا الحديثة للعالم من حولنا تشكلت في قالب صممته النظرية النسبية، وحذونا حذوه جماعة.
على سبيل المثال، أنظمة التعقب الآلي والخرائط الإلكترونية والأقمار الصناعية تعمل بطريقة غريبة لأنها تقيس التأخير في المدة الزمنية التي تقضيها سيارتك في السير وبين الأقمار الصناعية التي تدور في المدار الملاحق لها.

10. فكرة الشبكة العنكبوتية العالمية للمعلومات كما يحللها البروفيسور جون نوتن | مؤسسة ذا بابلك اندرستاندنغ اوف تكنولوجي في الجامعة المفتوحة

خلال عقدين من الزمن، أصبح لدينا ما يقارب مئات المليارات من صفحات الإنترنت (لا نستطيع حساب العدد الدقيق لهذه الصفحات) التي جعلت جميع من على الكوكب قادرًا على نشر المعلومات واستقبالها وإذاعتها، وجعلت من الناس قادرين على زيارة متحف اللوفر عبر شاشات حواسيبهم وجعلت من كتمان الأسرار مهمة أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
مخترع الإنترنت تيم برنرز-لي الذي عمل على اختراعها تقريبًا دون مساعدة في الفترة ما بين 1989 و 1990 يعادل غوتنبرغ لعالمنا الحديث. وغوتنبرغ هو من اخترع الطباعة المتحركة في عام 1455 بما قلل من سلطة الكنيسة الكاثوليكية وأشعل فتيل حركات الإصلاح التي بدورها كانت أساس نهوض العلم الحديث الذي يشكل وجه عالمنا الحاضر.
الإنترنت هي تقنية تشابه الطباعة في التأثير والوصول، ولذا فإن محاولة التنبؤ بتأثيراتها على المدى البعيد هو كمحاولة الناس التنبؤ بتأثير الطباعة عام 1475.
دعونا ننتظر ما يقارب الثلاث مئة عام لكي نحدد فعليًا ونقيس هذا التأثير. حينها فقط نعطي الإنترنت حقها.


بقلم: آلي كارنواث ولوسي هافهيد وكايتي تومز | ترجمة: سحر عثماني | المصدر

 

Exit mobile version