أكد طاقم من العلماء في مجالات مختلفة أن جماجمنا التي تتقلصُ باطِّراد، تعيث خرابًا في صحتنا.
انهارتْ ليندزي هانز باكية عند عجلة سيارتها الدودج كارافان، انتحبت بحرقة، وعبر قطرات المطر على نافذةِ سيارتها، ألقتْ نظرة خاطفة على المجمع الطبي الذي غادرته للتو.
كانت تلك الأخصائية أملَها الأخير لعلاج اضطرابات النوم والتنفس لدى طفلها ميخا. طفلها الحُلو، والمَرِح، الذي أصبحَ الآن وهو في الخامسة من عُمره انطوائيًا وعنيدًا وغيرَ متعاون.
وبحكم عملها كممرضة، كانت هانز مقتنعة تمام الاقتناع بأن جذر المشكلة يكمن في عدم نيل طفلها قسطا كافيا من النوم، فهو يشخر طوال الليل ويتقلب على سريره، ويستيقظ صباحا وثمة انتفاخٌ أسفل عينيه.
أُجرِي لميخا دراسة لنومه عندما بلغ الرابعة من عُمره، وشُخِّص بأن سبب استيقاظه المتكرر أثناء الليل انقطاع النفس لديه جراء انسداد مجرى التنفس.
استأصلَ جراحٌ لوزتي ميخا ولحميته، وبدا أن العملية ناجحة: لم تعد السوائل تتجمع في أذنيه، وهي مشكلة ظل يعاني منها بشكل متكرر سابقًا، إلا إنه، وعقب عامٍ، كان ما يزال يشخر أثناء نومه، مما يشير إلى احتمالية استمرار انسداد مجرى التنفس. فأُرجِع مرة أخرى إلى أخصائي علاج الأذن والأنف والحنجرة، والذي استبعد بدوره أن يكون انقطاع النفس سبب المشكلة، وذلك بعد إجرائه دراسة أخرى لنوم الطفل.
ولم يستطع هو الآخر تشخيص المشكلة هذه المرة.
بذلت هانز قصارى جهدها للوصول إلى أخصائية العلاج العضلي الوحيدة في جنوب إلينوي، والمُتدربة على العلاج الطبيعي للسان والشفتين، لعل ذلك يُجدي نفعًا لإعادة الوضع الطبيعي لعضلات فم ميخا؛ وربما يتحسن تنفسه ويحظى بنوم هانئ ليلا.
على مدى الأعوام المائتين وخمسين المنصرمة، ظلت جماجمنا تتغير على نحو خطير ومُقلِق.
تصرَّف ميخا بفظاظة أثناء موعده مع الأخصائية؛ إذ ظل يتنطط في الكرسي تارة، ويختبئ خلف أمه تارة أخرى، رافضًا أن تعاين فمه، بالرغم من ملاطفتها له ومحاولاتها لجذب اهتمامه، وبنهاية الموعد، كانت هانز متعرقة ومستنزفة تماما؛ إلا أنها اعتادت على مثل هذه المواقف، اعتذرت للأخصائية بشدة، وأبدتْ الأخرى تفهمها ولم تُحمِّل الأسرة مسؤولية تصرفاته.
وبتثاقلٍ، عادت هانز أدراجها إلى السيارة رفقة ميخا، عندئذٍ فقط، انخرطت في بكاء مرير بعدما انحسر أملها الأخير.
ضاقت عائلة هانز ذرعا ولمْ يبدُ أن ثمة علاج مثبت طبيا لاضطرابات النوم والتنفس التي يعاني منها ميخا، لذا؛ فعلت هانز ما سيفعله أي والدين في العصر الحديث؛ لجأت إلى جوجل، حينئذٍ، اكتشفت وجود مجتمع بأتمه من الباحثين والأطباء المختصين، الذين أشاروا إلى وجود أدلة كثيرة على أن ما يمر به ميخا تجربة شائعة وتتكرر باطِّراد في الآونة الأخيرة.
وبالنسبة إليهم، يُعدُّ ميخا حالة جيدة لدراسة المجرى المقلق لتطور الإنسان والذي ينبئ عن آثار بعيدة المدى؛ فقد ظلت جماجمنا تتغير بصورة خطيرة ومقلقة على مدى ال 250 سنة الماضية. وبحسب كلامهم، فإن مشكلة ميخا تكمن في وجهه.
أشار العِلم إلى أن الأسنان المعوجة، وتراكب العضة، وضيق الفكين، وتقلص المجرى الهوائي في الأنف، ظاهرة حديثة. تبين رفات الهياكل العظمية بأن قبل ثلاثمائة سنة فقط، كان للناسِ عامةً أسنان قويمة وإطباقها تام، وفكان واسعان، وحنك مسطح، ومجرى هوائي أنفي متسع يسمح بتنفس طبيعي وصحي.
في الآونة الأخيرة بدأت وجوهنا بالتشوه؛ اليوم، تُعرف جماجمنا بأن لها حنك مرتفع وضيق، وفك سفلي قصير وغالبا بمساحة غير كافية. وحين تسقط أسنان الأطفال الصغار، لا يكون ثمة متسع كافٍ لأسنانهم بعد البلوغ، مما يؤدي إلى تزاحم الأسنان وانحرافها عن مواضعها. والأسوأ من ذلك، أن هذا التركيب يشجع على التنفس عبر الفم، والذي يؤدي بدوره إلى حدوث صعوبة في النوم عصية على الملاحظة، وسلسلة أخرى من المشكلات التي تتأرجح بين التحديات السلوكية والقلق والاكتئاب وبين الاعتلالات الإدراكية.
غالبا ما تكلف هذه الحالات آلاف الدولارات لتصحيحها بواسطة تقويم الأسنان وعلاجها أو حتى إخضاعها للجراحة لاستئصال اللوزتين واللحمية.
مؤخرا، التحمت جهود طاقم كامل من العلماء ومقدمي الرعاية الصحية لدراسة الكيفية التي تتغير بها وجوهنا وعواقبها على صحتنا، من بينهم طبيب أسنان من شيكاغو، وعالم أنثروبولوجيا من فيلادلفيا، وأخصائي تغذية من لاس فيغاس إلى جانب باحثين في النوم من ستانفورد والشمال الغربي. يناقش هؤلاء المختصون نمط الحياة الدارج في العصر الحديث والخلل الذي أحدثه في الأنظمة البيولوجية المعقدة لوجوهنا، ورؤوسنا، وحناجرنا، مما أدى إلى ظهور أمراض مختلفة مثل ألمِ الفك، والصداع المزمن، والحساسية، والربو، واضطراب النوم، وكل الاضطرابات المتعلقة بالآنف ذكره.
وبالرغم من أن ثمة عوامل أخرى قد تساهم في حدوث هذه الأمراض -بدءا بالتغذية، واستخدام التكنولوجيا وانتهاء بطريقة تربية الأطفال والتغيرات المجتمعية- إلا أنه بالنسبة لهؤلاء المختصين، لابد من التطرق لعامل التطور لفهم المشكلات المترتبة عنه ودراستها.
“إنها مشكلة متعددة الأبعاد للغاية ” تقول ديان بهر -أخصائية تغذية معتمدة في لاس فيغاس وصاحبة كتاب “أطعم طفلك بشكل صحيح.” -“إننا بحاجة للآباء والأمهات، وللتثقيف المهني، والعلاج المناسب.”
لكن أولا، على هؤلاء المختصين إقناع المجتمع الطبي، وملايين الآباء والأمهات لمواجهة التأثير الخطير الناتج عن تغير جماجمنا.
في ديسمبر الماضي، انحنى طبيب أسنان الأطفال، كيفين بويد، على صينية بها أسنان أطفال مصنعة من الجبس في مختبر الطابق السفلي من متحف بنسيلفانيا في فيلادلفيا. أنزل نظارته من رأسه وارتداها ليمعن النظر في تلك المجسمات الموزعة على الطاولات ذات المناضد السوداء، ثم قاس المسافة بين الضرس والآخر، ودون الأرقام، وتوجه بعدها إلى الصينية التي تليها.
سُطِّرت الجماجم المصفرة في صناديق زجاجية بامتداد الغرفة. كانت جانيت مونج -المسؤولة عن قسم الأنثروبولوجيا الحيوية- جالسة على كرسيها بالقرب من الجماجم.
“ما الذي حدث؟” سألنا بويد أنا ومونج، بينما يقلب مجسما في يديه. “كيف يمكن أن تنمو لنا فجأة أسنان معوجة، وفكان ضيقان، ومجرى هوائي ضيق في الأنف؟ كل هذا حدث مؤخرا فقط تزامنا مع خروج النساء للعمل في مصانع الغزل والنسيج إبان الثورة الصناعية.”
غالبا ما يرتبط التطور في أذهاننا بعملية حدثت في الماضي البعيد؛ أيْ تحول البشري القديم (ما قبل التاريخ) إلى الإنسان الحديث الذي نحن عليه اليوم؛ إذ عادة ما تمتد الخطوط الزمنية لتطور الإنسان في متاحف التاريخ الطبيعي من مئات آلاف السنوات وتنتهي بأقدم إثباتات اللغات المكتوبة، قبل الميلاد بآلاف قليلة من السنوات، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك فأجسادنا ما زالت تتطور؛ أدمغتنا تتقلص، ومرافقنا تضيق. وحتى وجوهنا، ما زالت تتغير إلى الآن، مؤدية بذلك إلى تغيرات جوهرية في كل من الأسنان، والأنف والفكين.
توضح الهياكل العظمية المحفوظة بأن لمئات الآلاف من السنوات، كان للناس جماجم جميلة؛ وأسنان قويمة، وفكَّان عريضان، ووجه متقدم للأمام، ومجرى تنفس متسع.
وجد روبرت كوروتشينو -أستاذ الأنثروبولوجيا الفخري بجامعة جنوب إلينوي- بأن لجماجم أطفال عصور ما قبل الرومان الموجودة ضمن آثارِ الإتروسكانيين في جنوب إيطاليا أسنان قويمة على نحو مثالي وفك عريض.
قبل حوالي 250 سنة فقط، بدأت وجوهنا تتغير!
وبحسب بويد، فإن الصناعة أفسدت أساليب الرعاية بالأطفال الموروثة عن الأسلاف والمتعلقة بالفطام والتغذية، ورضاعتهم حسب حاجتهم لأعوام، مع محاولة جعلهم يتناولون الأطعمة الصلبة في حضرة الكبار.
يقول بويد بأن الانتشار الواسع لاستخدام زجاجات الرضاعة، واللهايات، والأغذية اللينة المصنعة، حرم الأطفال – في سن المشي- من التدرب على المضغ وشوه تركيب الفم لديهم.
قال لي كورتشينو: “في المجتمعات الحديثة، يوجد لدينا طعام جربر للأطفال، أما أطفال الإتروسكان، فكان عليهم مضغ الطعام عقب فطامهم، ولذا كانت لديهم قدرات مضغ لافتة للنظر”.
ومثلما ظهرت أمراض عدة من بينها السكري، وأمراض القلب، عقب ذيوع الصناعة في شتى أنحاء العالم، ظهرت كذلك أمراض سوء الإطباق؛ ألا تكون أسنان الفك العلوي في نفس مستوى أسنان الفك السفلي عند إطباق الفم.
في المقابل، ما زال سكان المجتمعات التي لم تلجأ للصناعة بتاتا، يتمتعون بإطباق جيد لأسنان الفكين.
وقد تلعب عوامل أخرى دورا في ذلك أيضا؛ على سبيل المثال، يُفاقم كل من التلوث البيئي والهواء غير المتجدد داخل الأبنية الضرر على أجسادنا، ويجعل ذلك صحة الحوامل أسوأ لا سيما في المناطق التي شرعت في الصناعة أولا، وقد تؤثر تلك العوامل على تكوُّن الجماجم في الأرحام، مما يغير وزن الطفل عند ولادته، وعرض فكيه، وحجم الوسائد الدهنية المتكونة في خديه.
وتُظهر السجلات الهيكلية الخاصة بالحيوانات اختلافات مماثلة بين جماجم الحيوانات التي ترعرعت في البرية وتلك التي رُبيت في الحظائر؛ مما يعني أن تغذية الإنسان العصري وبيئته لعبا دورا لا يُستهان به في تطور وجوهنا.
في كتابه “نشأة الإنسان”، وصف تشارلز داروين -أول من أدرك حدوث تقلص في حجم الجماجم- البشر المتمدنين بأن لهم أفكاك أضيق من تلك التي لدى البدائيين، والذين عاشوا في مجتمعات غير صناعية. كتب: “وهذا التقلص -كما أفترض- يُعزى إلى عادات التغذية الخاصة بالمتمدنيين؛ أي المعتمدة على الأطعمة اللينة والمطهوة وبالتالي قلة تحريك الفكين.”
“أخبرني السيد بريس -مُحب الخير الأمريكي تشارلز لورينج بريس- بأن إزالة بعض أضراس الأطفال غدا أمرًا شائعًا في الولايات المتحدة بما أن مساحة الفكين لديهم لا تتسع لنمو العدد الطبيعي من الأسنان.”
إبان عشرينيات القرن المنصرم وثلاثينياته، سافر طبيب أسنان يُدعى ويستون برايس حول العالم؛ ليلتقط صورًا لأسنان السكان الأصليين في كل من: أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا.
أكدت الصور التي التقطها شكوك داروين – إذ وثَّق أسنانًا قويمة وحنكًا مرتفعًا، وفكينِ متقدمين للأمام، لسكان المناطق غير الصناعية.
قد يكون الدافع وراء ما جاء به كل من داروين وبرايس معتقدات نمقتها؛ من قبيل أفكار تشير إلى أن الأجناس “المتحضرة” (القوقازية) إنما هي نسخة مطورة من الأجناس “الرجعية” (الأفارقة والشعوب الأصلية)، إلا أن بحوثهما لا تزال مفيدة للباحثين الحاليين الذين يتتبعون التطور الحاصل للهيكل العظمي البشري.
إبان أوائل القرن العشرين، لاحظ أطباء تقويم الأسنان بأن الفك القصير والحنك المرتفع والضيق، يشكلان خطرًا على التنفس، هذا ما قاله بويد وهو يضع حقيبة ظهره السوداء من ماركة باتاغونيا على طاولة المختبر. ثم سحب حزمة أوراق بحثية أعِدت في الفترة الزمنية بين عام 1917م إلى عام 1922م، ومن بينها مقدمة للمجلة الطبية “إنكلترا الحديثة” والتي تسدي نصحًا لأطباء الأسنان لتقويم أي خلل في الأسنان أو هيكلة الوجه قبل أن يبلغ الطفل السادسة من عمره، ويؤكد كُتابها على أهمية التنفس من الأنف، واتساعِ قوسي الأسنان (قاعدتي نموها) في الفكين. وثمة أوراق بحثية أخرى كتبت في ذات الفترة الزمنية، توصي بتدخلٍ مبكر؛ أي بعُمر ثلاثينَ شهرًا، متضمنة صورًا لمُوَسِّعات الحنك المستخدمة في القرن التاسع عشر.
إلا أنه بحلول أربعينيات القرن العشرين، بدا أن هذا الإدراك لخطر الفكين الضيقين على التنفس كما لو أنه قد اختفى.
يرجو بويد ومؤيدوه في الرأي من الباحثين أن يحصلوا على معلومات يوثقوا بها كيفية تطوُّر جماجمنا من خلال الجماجم والعظام المعروضة في المتحف. فهم قد التقطوا بالفعل مجموعة صور ثلاثية الأبعاد بواسطة مخروط شعاع التصوير المقطعي لجماجم أطفالٍ من العصور القديمة والحديثة، وأخذوا بعض الصور التي استخدمتها أخصائية تقويم الأسنان ماريانا إيفانز منذ مدة قريبة، وهم يأملونَ تجميع أكبر قدر ممكن منها لرؤية المجرى الهوائي للتنفس، والانسدادات الهيكلية.
“لدي صورة مقطعية لطفل قوقازي في سن الخامسة والذي لقي حتفه منذ ٢٥٠ عامًا، وأخرى لطفل كان معي في المكتب بعدما أحاله إليّ َأخصائي الرئتين لأنه يعاني من انقطاع النفس أثناء نومه. ويمكنني أن أريك الفرق بين فكي الطفلين، ومدى صغر حجم فكي الطفل المعاصر مقارنة بفكي الطفل القوقازي.”
هذا ما قاله بويد ونحن نلملم أغراضنا لمغادرة المتحف اليوم.
جالت مونج بنظرها لتتأكد مما إذا أعيدت مجسمات الأسنان إلى أماكنها بشكل صحيح أم لا.
إن آثار تقلص حجم الجماجم مؤخرا ليست جمالية وحسب؛ بل تُلحِق الضرر على ما يُعد ضروريا للصحة الجسدية والنفسية؛ قدرتنا على نيل قسط هانئ من النوم ليلا.
إن كان النمو سليمًا، فإن اللسان سيتحرك محاذيًا الجزء العلوي من الفم ليدفع العناصر الغذائية نحو المريء، مُوسِّعا بذلك الحنك، ومُمرِّنا الفك السفلي، مما يؤدي إلى زيادة طوله واتساعه بمرور الزمن. بينما إن كان فكَّا الطفلِ قصيرين، وحنكه ضيقًا، فإن لسانه لن يستند على سقفِ الفم، وبالتالي سيتكئ على الأسنان السفلية، مما يجعل تنفسه من الفم أمرًا روتينيًا، وعادة غير صحية، ثم ما إن يتمدد للنوم، حتى يتراجع اللسان إلى الخلف سادًا بذلك الحلق، ومسببًا انقطاعًا للنَفَس.
وقد يتفاقم الضرر في حال الاستخدام المفرط لزجاجات الرضاعة واللهايات وأكواب المص، ليتسبب ذلك بتشويه الأسنان والفم.
يندرج مرض سوء الإطباق واضطرابات النوم الناتجة عنه تحت مجموعة أكبر تُعرف بأمراض التمدُّن، ومن بينها: السمنة والضغط والاكتئاب. وكل هذه الأمراض ناجمة عن أسلوب حياتنا الحديث، والبيئة حولنا.
في كلية ألبرت أينشتاين للطب، وثَّقت البروفيسورة كارين بونوك الأضرار المترتبة عن اضطرابات النوم إن لم يتم التدخل لحلها في وقت مبكر. ففي ورقتها البحثية (2012) حول طب الأطفال، وجدت بأن الرُّضَّع والأطفال في سن المشي ممن يتنفسون عبر الفم، ويشخرون وينقطع النفس عندهم أثناء النوم أكثر عرضة لظهور مشكلات سلوكية في عمر الرابعة والسابعة، مثل الطاقة الحركية الزائدة، والتصرفات السيئة، ومشكلات مع الأقران، والصعوبات عاطفية، وذلك بحسب تحليلٍ لأحد عشر ألفَ طفلٍ في دراسة مطولة أُجريتْ في آڤون بالمملكة المتحدة.
كانت هذه الدراسة مصدرًا مفيدًا لبويد وزملائه، واستمروا في جعلها مرجعًا يثبت الحاجة المُلحة لتشخيص مشكلات التنفس لدى الأطفال وعلاجها.
تصطف رفوف الكتب على جدران مكتب بونوك بكلية أنشتاين في حي برونكس بنيويورك. ترفع بونوك -امرأة نحيلة ترتدي نظارات قراءة- مجموعة لوحات شرح ملونة من على طاولتها، لتُريني الوسائل المستخدمة لتثقيف الوالدين حول احتياجات أطفالهم أثناء النوم.
يعمل معاونوها في “سويت دريمز” غير الربحية، وجامعتين غيرها، مع أكثر من عشرين مركزًا من مراكز “البداية” لتثقيف الآباء والأمهات، ومساعدتهم لمعرفة اضطرابات النوم التي قد يتعرض لها أطفالهم، وهذا جزء من بحثها لكشف اضطرابات النوم الخفية في مرحلة الطفولة، واحتواء المشكلات السلوكية والمعرفية، قبل ترسخها بعمق.
اندفعت بونوك في ذكر سلسلة من نتائج بحثها عن الضرر بعيد المدى لقلة النوم، متنقلة بلا هوادة من نتيجة إلى نتيجة أخرى، ككرة في لعبة البين بول. خلصت هذه الدراسة إلى أن اقتصار نوم الأطفال على ٣٠ دقيقة في الليلة الواحدة لأقل من أسبوع، يخِّفض أداء الوظائف العصبية النفسية بما يعادل عامين.
وفي تحليل تجميعي، يلخِّص نتائجَ ٢١ دراسة، اكتُشِفَ أن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النوم، يحصلون على درجاتٍ أكثر تدنيًا من أقرانهم بنسبة ١٢٪ في المتوسط. بالإضافة إلى دراسة أخرى وجدت بأن دقيقة من نوم الأطفال في المتوسط، نقصت كل عام خلال القرن المنصرم، وهذا مؤشرٌ غير جيدٍ للجنس البشري.
“عندما لا ينام الأطفال، يصبحونَ غريبي أطوار، ومزاجيين، وتعتلُّ لغة التعبير لديهم، ولا يشكِّل ذلك خطرا على تعلمهم للنطق وحسب، بل على مهارات التواصل لديهم أيضا”، قالت بونوك.
يعاني نصف الأطفال تقريبًا بين عمر سنتين إلى خمس سنوات من اضرابات النوم، والتي تُعرَّف على أنها صعوبة في الخلود للنوم، أو الاستمرار فيه؛ أيْ مدة نوم غير كافية، وصعوبة في التنفس، ونوم متقطع. وبالرغم من ذلك، لا يوجد تقريبًا أي فحص يُعنى بالتدخل المبكر فيما يخص التنفس أثناء النوم.
بالتأكيد، ثمة عوامل أخرى تؤثر على النوم، بما في ذلك، تطور وسائل التواصل الاجتماعي، والهواتف الذكية، وكثرة الواجبات الأكاديمية في مرحلة مبكرة من الطفولة.
عندما لا ينام الأطفال، يصبحونَ غريبي أطوار، ومزاجيين، وتعتلُّ لغة التعبير لديهم
في حَرمِ كلية آينشتاين، يقف قبالة بونوك ثلةٌ من الأطباء المتدربين على التركيب البنيوي لفم الطفل ولسانه، أيْ أخصائيو أمراض النطق واللسان. تعمل بونوك مع روز كينيدي -أخصائية النطق في مركز تقويم الأطفال وتأهيلهم- لفهم العلاقة بين التنفس والنوم واكتساب اللغة.
يدرك الآباء والأمهات أهمية النوم، لكنهم لا يكادون يفقهون شيئا عن اعتماد النوم السليم على اتساع قوس الأسنان، واستناد اللسان على سقف الفم، وطول الفك السفلي.
حينما يُحضر أي والدين أطفالهما للفحص، وبعد أسئلة بسيطة، يتجلى لنا العامل الخطير الذي يتسبب باضطرابات النوم؛ التنفس عبر الفم.
تتراوح حلول هذه المشكلة بين العلاج بالستيرويدات الأنفية، وعلاج النطق أو العضلات، وعلاج الحساسية، وقد يصل الأمر إلى استئصال اللوزتين واللحمية، وتقويم الأسنان في وقت مبكر كما يفعل بويد.
“يزيد تركيز الأطفال، وتقل طاقتهم الحركية ونوبات غضبهم، ويصبح بإمكانهم الانسجام مع الآخرين بصورة أفضل، بل إن نموهم يتحسن بالفعل عندما يحظون بنوم هانئ، وتغدو صحتهم أفضل.
وبالمناسبة، يحارب النوم الجيد السمنة”، قالت بونوك مستشهدة بتقرير معهد الطب (2011) عن الحيلولة دون إصابة الأطفال بالسمنة، وبورقتها البحثية (2015) والتي أشارت إلى أن الأطفال الذين يعانون من تنفس غير منضبط أثناء النوم ومشكلات سلوكية متعلقة به، قبل بلوغ السابعة من عمرهم، هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة في سن الخامسة عشرة.
عندما يتنفس الطفل عبر الفم أو يشخر، فإن الهواء المار في حلقه يجفف الأنسجة؛ مما يزيد من خطر الإصابة بعدوى ما أو حدوث التهاب، وسيضغط ذلك على مجرى التنفس؛ وهكذا، ستفوته الفوائد الجمة للتنفس عبر الأنف، وسيؤدي عدم استخدام الأنف إلى تقلُّص مجرى التنفس فيها، ومن ثم تتفاقم المشكلة أكثر.
“يصبح لديه عدوى الجيوب الأنفية واحتقانها بشكل مزمن، وتتعطل حاسة الشم عنده”، وضحت جوي مولر – أخصائية علاج عضلي من لوس أنجلوس- ثم أردفت: “مما يفقده شهيته أو يجعله انتقائيا في اختيار وجباته؛ فيفضل الباستا مثلا لسهولة مضغها، وقد يؤدي ذلك إلى السمنة أو اضطراب في النوم، أو اعوجاج للأسنان.”
كانت تلك هي المعضلة التي دفعت ليندزي هانز للبحث عن أجوبة والبكاء في مواقف السيارات أمام مبنى أخصائية العلاج العضلي في جنوب إلينوي.
وأخيرا، عثر ميخا على سبيلٍ إلى بويد، والذي بدأ بتوسيع حنكه ومجرى تنفسه.
قام أخصائي علاج عضلي يعمل في مكتب بويد بتمارين لتدريب لسان الفتى ليستند على سقف الفم لتسهيل التنفس عبر الأنف. ووُضِع جهاز لميخا، ليسحب فكه السفلي إلى الأمام ليلا؛ مما يرفع من قدرة مجرى تنفسه إلى المستوى الطبيعي.
وخلال شهر، تحسَّن نوم ميخا، وتبدل سلوكه. في السابق، كان يبكي في مواعيده مع الأطباء، ويرفض الذهاب إلى المدرسة، ويتصرف بعداء، ويختبئ خلف أمه بوجود الضيوف، أما الآن، فإنه يبتسم بانشراح ويركض لمعانقة جده وجدته.
“لقد عاد إلى طبيعته مجددا”، قالت هانز، ثم استطردت: “ظننت بأننا سنخسره، ما الذي كان سيحدث لو أننا انتظرنا بلوغه سن العاشرة لتقويم أسنانه؟ لأُصيب بالاكتئاب أو الجَزَعِ بلا شك.”
بالتفكير في تلك الأيام، خمنتْ هانز بناء على ما تذكرته، بأنه لربما أصيب بالتوحد أيضا؛ إذْ كان قد أصبح انطوائيا ولا تكاد تلتقي عيناه بعيون الآخرين.
“لو أنني استمعت لما قاله أخصائي علاج الأنف والأذن والحنجرة، أين سيكون مآل طفلي الآن؟ سيصنف على أنه طفل معقد، وسيتعلم مع ذوي الاحتياجات الخاصة، إن كان بحاجة لذلك فلا بأس، بيد أن علاجه كان ممكنا” قالت هانز مردفة: “من غير المعقول أن يعاني كل أولئك الأطفال، إنهم بحاجة للنوم فقط!”
ليس ثمة طريقة لإعادة جماجمنا إلى سابق عهدها، ومن غير الواقعي أن ننصح الآباء والأمهات بتجنب الأغذية المصنعة، أو زيادة مدة الرضاعة الطبيعية، أو الانتقال للسكن في أكواخ في العراء أو الريف، أو ربما أن يتبِّع أطفالهم حمية باليو؛ المعتمدة على الأغذية التي تناولها الإنسان البدائي في العصر الحجري، في سبيل الحد من هذه التغيرات التي ستحصل لجماجم أبناء الجيل القادم. أجل، إننا عالقون، وليس بيدنا ما نفعله حيال وجوهنا العصرية الصغيرة، لكننا قادرين على أن نتبع بعض الخطوات لعلاج الحالات الناجمة عنها.
يجلس قبالة هانز في كلية الطب بجامعة نورث وسترن، الطبيب المسؤول عن كل ما يتعلق بالنوم، الدكتور ستيفن شيلدون والذي يشرح التقنيات الحديثة أو تقنيات العلاج التي تساعد أن يتسع الفك ويتقدم للأمام، لتصطف الأسنان ويتوسع المجرى الهوائي للتنفس، وغالبا ما يتضمن ذلك العلاج الطبيعي لعضلات الفك، لخلق عادات صحية متعلقة بالفم واللسان.
على نحو تقليدي، عادة ما يصب أطباء تقويم الأسنان جل اهتمامهم على تقويم الأسنان بشكل رئيسي، عوضا عن تحريك الفك السفلي للأمام.
“لا نعرف حقا أيًا منها هو الأفضل إلى الآن، ونحن بحاجة للبحث عن جواب لهذا السؤال باستخدام منهج علمي”، قال شيلدون، “ثمة الكثير من القصص الواقعية في هذا الشأن، ولكن الاستناد إليها لا يُعَد منهجا علميا بحتا”.
في الشتاء الماضي، انضممت إلى بويد في مكتبه في شيكاغو، لأرى التطبيق العملي لنظريته. مشى بويد بخطوات واسعة متجها من منطقة الفحص في الخلف إلى غرفة الاستشارة والتي تقبع في زاوية منعزلة من الرواق، ليُري والدي الطفل صورا لفمه، ووضَّح لهم الخطة التي يعتزمها لتوسيع الحنكِ وتقويم الأسنان.
أخبر بويد الأب المرتاب: “إننا نعيد اكتشاف ما نعرفه مسبقا بالفعل، وما يُعَدُّ أساسا المسار الطبيعي للأمور”، ثم أردف باقتضاب: “دائما ما يتمتع أولئك الذين يتنفسون عبر الأنف بصحة أفضل ممن يتنفسون عبر الفم.”
ينتظر بعض أطباء الأسنان العمر المناسب لتركيب تقويم الأسنان، أما بالنسبة لبويد، ففي حال لوحظ أي تزاحم للأسنان أو أي مشكلة أخرى تلوح في الأفق، فيتوجب توسيع الفم حالا. لم التأجيل؟ إن تدخلت في وقت مبكر، سرعان ما يتوسع المجرى الهوائي، ويبدأ الأطفال بتحسين عادات التنفس عبر الأنف، وموضع اللسان.
وقد قام بذلك بالفعل، حيث أجرى عمليات مشابهة لأطفال في عمر السنتين، ولأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن صعُب على بقية أطباء الأسنان علاجهم. بينما يستخدم بعض زملائه أجهزة قابلة للإزالة شبيهة بتلك المذكورة في حزمة الأوراق البحثية لأوائل القرن العشرين التي يحتفظ بها في مكتبه.
تستمر هذه المشكلة بالتفاقم، ولا تتضعضع. “يولد أطفال كثيرون بتركيب بنيوي يجعل العناية بهم ورضاعتهم رضاعة طبيعية أمرا شاقا للغاية، مما يزيد من خطر تطوير عادات تغذية غير سليمة”، قالت أخصائية التغذية بهر.
“يتمددون لوقت أطول على ظهورهم، لا على بطونهم، وهناك الأغذية الصناعية وزجاجات الرضاعة واللهايات، كل ذلك يساهم في تشويه الفك ويؤثرعلى التنفس والنوم. وما إن يبدأ اضطراب النوم، حتى يجر خلفه سلسلة من المشكلات التي تبدأ في الظهور”.
ربما هناك عدد كبير من الأطفال المرشحين للخضوع لعلاج مبكر وبديل لتقويم الأسنان، مثل أجهزة الأسلاك التقويمية الوظيفية الحديثة والتي تُستخدم لبعض مرضى العظام.
يعاني حوالي ربع الأطفال في سن الذهاب إلى المدرسة من الشخير؛ ما يعني أن مجرى الهواء العلوي لديهم ضيق ويهتز، وهذا الوضع غير طبيعي.
“حتى الشخير قد يتأتى عنه نتائج سلبية؛ عجز معرفي عصبي”، قال شيلدون.
“يفترض أن يُجري كل طبيب أطفال فحصًا لتقصي أسباب الشخير، لكن لا يلتزم جميعهم بذلك لأن ثمة فحوصات كثيرة لإجرائها في زيارة دورية تستغرق 15 دقيقة فقط”.
حتى وإن كان الفحص جيدا، يوجد 294 فقط من المختصين بدراسة نوم الأطفال، وما يربو بقليل على 24 مركزا لدراسة نوم الأطفال في الولايات المتحدة قاطبة.
يُعَدُ استئصال اللوزتين واللحمية، التي تضغط على مجرى الهواء العلوي وتضيقه، الحل الأمثل لمثل هذه الحالات التي يعاني فيها الأطفال من انقطاع النفسَ أو اضطرابه أثناء النوم؛ مثل الشخير. عدا أنه في حالات مشابهة لميخا هانز؛ أي استمرار ظهور الأعراض حتى بعد عملية استئصال اللوزتين واللحمية، ساعتئذٍ؛ لا يكون أمامنا أي خيار عدا إيجاد بدائل لتقويم الأسنان.
يقوم شيلدون وبعض زملائه بإعداد خطة مفصلة لدراسة مستقبلية لإيجاد بدائلَ لتقويم أسنان الأطفال الصغار، وهم بحاجة لانضمام العديد من المؤسسات إليهم؛ للوصول إلى بيانات عينة كافية من الأطفال. وما يجعل هذا التحدي أكبر، أن تكلفة دراسات النوم باهظة بالفعل.
إن شيلدون بصدد نشر دراسته السابقة التي اعتمدت نتائجها على دراسة عينة مكونة من 18 طفلا.
وبينما تُدفَع عجلة العلم ببطء، يتهافت الآباء والأمهات للحصول على توجيهات تساعد أطفالهم، فيلعبون تارة دور الباحث، وتارة دور المحقق، وتارة أخرى دور المحامي.
علينا أن نتصرف، نتصرف حالا، حيال التغير الحاصل لبُنْيتنا، وإلا لاضطررنا لتحمل عواقبه الوخيمة.
“غالبا، لا يدرك حتى الوالدان أن طفلهم يعاني من اضطراب في النوم، لأنهم لا يعتبرون الشخير مشكلة أساسا”، قال شيلدون، ثم أضاف: “إنهم لا يدركون الضرر البالغ الذي قد يلحقه الشخير بحياة طفلهم، عدا أنه يقض مضجعهم ليلا في كثير من الأحيان”.
وجدتُ في مكتب طبيب الأسنان الذي آخذ إليه أطفالي كتيبا تثقيفيا للآباء والأمهات مكونا من 20 صفحة، صادرًا عن جمعية طب الأسنان الأمريكية، والذي يؤكد على أهمية تنظيف الأسنان، والتغذية الصحية، والفحص الدوري، ومنع حدوث أية إصابات، والحد من مصِّ الأشياء.
خُصصت صفحة واحدة فقط لمشكلات المضغ وتقويم الأسنان، تتضمن ما مفاده أن تقويم أسنان الأطفال يتم لمن تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 14 عاما.
ولم يأتِ على ذكر أي شيء عن اضطرابات النوم المتعلقة بمشكلات الفم والفك؛ مثل الشخير أو التنفس عبر الفم، أو النوم غير المريح، أو النهوض المتكرر ليلا، أو صعوبة التنفس، أو حتى مشقة إيقاظ الأطفال في الصباح.
“هناك علاقة بين انقطاع النفس أثناء النوم وبين صحة بنيتنا الجسدية”، قالت مارجريت روجرز -رئيسة فريق العلوم والأبحاث في الجمعية الأمريكية للنطق واللغة والسمع المعنية بدراسة علوم أمراض النطق واللغة.
“إنها مسؤولية الجميع، على أطباء الأطفال أن يُجروا الفحوصات اللازمة، وعلى المعلمين سواء في رياض الأطفال أو في المدارس، أن يتقصوا أسباب نوم الأطفال أثناء الحصص الدراسية، إذْ يمكن ألا يكون مُسوغ نومهم الكسل أو عدم الانتباه أو سوء الأدب؛ بل ببساطة حرمانهم من النوم بصورة مزمنة”.
يتنفس الإنسان 28 ألف مرةٍ في اليوم الواحد، ونحن نقضي قرابة ثلث أعمارنا في النوم، وإنْ تغيرت عادات النوم والتنفس لدينا، فهذا من شأنه تقويض صحتنا الجسدية والنفسية؛ ويبدأ كل ذلك من تركيب كل من الفكِ والفم والحلق؛ أي ما يشكل مجرى التنفس.
حذَّر جيري روز – عالم أنثروبولوجيا حيوية يدرس تطور الأسنان، وأستاذ فخري بجامعة أركنساس- من أنَّ جيلا بأتمه قد يتضرر ما لم نغير مسار الأمور، وعلى حد قوله: “فيما يخص التطور، ثمة فائزون وخاسرون.”
علينا أن نتصرف وبسرعة حيال التغير الحاصل لبُنْيتنا، وإلا لاضطررنا لتحمل عواقبه الوخيمة.
“ببساطة، ثمة من سلكوا سبلا خاطئة ” قال روز.
“وكانت أعمارهم الثمن الذي دفعوه لقاء ذلك.”
بقلم: كاثرين ريندولز لويس | ترجمة: آلاء الراشدية | تدقيق: لمياء العريمية | المصدر