في حين أن المسابقات الإلكترونية الاحترافية باتت منتشرة منذ زمن إلا أن مسمى e-athlete أو “رياضي إلكتروني” أُطلق على اللاعبين في الآونة الأخيرة فقط.
وتقدم بعض الكليات اليوم منحا دراسية رياضية للاعبين الإلكترونيين وتتنافس فِرق رياضية ميدانية في مباريات مثل لعبة League of Legends الشهيرة. فمثل بعض الرياضات الجامعية الأخرى، يمكن لهؤلاء الرياضيين الإلكترونيين الاحتراف وجني رواتب عالية مقابل ممارسة الألعاب الإلكترونية على نحو تنافسي.
وفي حين أن عدَّ الألعاب الإلكترونية رياضة ولاعبيها رياضيين أمر لا ضرر منه، إلا أنه ثمة مبررات للاعتقاد بأن هذه التسميات غير دقيقة. وبديهيًا، ممارسة الألعاب الإلكترونية، وحتى التنافس فيها ليس رياضة، واستخدام لوحة المفاتيح أو أجهزة التحكم (وحتى إتقانه) لا يبدو أمرًا رياضيًا. وبما أنني رياضي (شاركت بسباقات العدو الجامعية والعدو الريفي وما زلت أتنافس في السباقات) ولاعب ألعاب إلكترونية (بدأت بلعبة Pong وحاليًا ألعب Destiny )، لدي نظرة أكثر تمعنًا في هذا الأمر.
وقبل البدء بشكل صحيح، ثمة سؤال نطرحه وهو لماذا تعد هذه المسألة جديرة بالنظر؟ ففي نهاية المطاف، لماذا ينبغي لنا أن نهتم فيما إذا عُدَّ الرياضيون الإلكترونيون رياضيين أم لا؟ ولمَ يهم ما إذا كانت مسابقات الألعاب الإلكترونية رياضة أم لا؟ ولسبب (قد لا يكون جيدًا) وهو الاعتزاز. فعادة ما يعتز الرياضيون بكونهم رياضيين، ويرونه إنجازًا يميزهم عن غيرهم في هذا المجال. لذا، ينصب جل تركيزهم على تلك الخصائص التي تنطبق على من ندعوه بالرياضي. فكما يقول بعضهم، من المفترض أن يكون هذا لقب مُستحق، وأن لا يُنسب لأي أحد.
وقياسًا على ذلك، لننظر إلى الموسيقيين. فمثل الرياضيين، يعتز الموسيقيون بما يميزهم عن غيرهم على أساس النشاط الموسيقي. يهمهم من يُعد موسيقيًا ومن ليس كذلك. ففكرة أن يكون من يلعب لعبة League of Legends أو Starcraft رياضيًا، بالنسبة لكثير من الرياضيين، يمكن مقارنتها بالقول لموسيقي إن شخصًا يلعب لعبة Rock Band أو Guitar Hero هو موسيقي مثله.
من الطبيعي القول إن هذه ليست إلا مسألة تفاخر وليست لهذه التصنيفات أية أهمية. إذا أراد الرياضيون الإلكترونيون أن يعدوا أنفسهم مثل جيسي أوينز، أو إذا أراد من يلعب ألعاب الڤيديو الموسيقية أن يعد نفسه من رفاق هيندريكس أو كلابتن؛ فليكن له ذلك.
وفي حين تروق لنا فكرة المساواة، هنالك مسألة فائدة الفئات أيضًا. في ظاهر الأمر، تبدو فئة الرياضيين نافعة وذات معنى، كما هي الحال بالنسبة لفئة الموسيقيين التي تبدو نافعة وذات معنى أيضًا. لذلك، يبدو أن الأمر يستحق المحافظة على بعض التمييز فيما يخص هذه التصنيفات.
وبالعودة إلى ما إذا كان الرياضيون الإلكترونيون رياضيين حقًا، فإن النقطة المهمة هي تحديد الظروف التي تجعل الشخص رياضيًا أم لا. سيتبيَّن باعتقادي أن الأمر أكثر صعوبة مما بدا عليه.
ويتلخص المنطلق الواضح في موضوع المنافسة. فعادة يتنافس الرياضيون، وتتضمن الألعاب الإلكترونية التنافسية نوعًا من المنافسة. ولكن المشاركة في منافسة ما لا يبدو ظرفًا ضروريًا أو كافيًا ليكون الفرد رياضيًا. ففي نهاية المطاف، ثمة العديد من المنافسات (مثل مسابقات الهجاء والعروض الفنية) التي ليست ذات طابع رياضي. فضلًا عن أن هناك أناسا من الواضح أنهم رياضيون ولكنهم لا يتنافسون. وعلى سبيل المثال، عرفت وأعرف العديد من العدّائين الذين لا ينافسون في السباقات على الرغم من أنهم يجرون لأميال عديدة. وهناك من يمارسون الفنون القتالية وقيادة الدراجات والسباحة وغيرها ولا ينافسون أبدًا، إلا أنهم يبدون رياضيين. وبالتالي، هذا العامل لا يحسم الأمر. إلا أن النقاش يشير إلى أن كون المرء رياضيًّا يعني أن يتمتع بخصائص جسدية؛ الأمر الذي يطرح عاملًا آخر.
وعند تمييز الرياضي عن منافس مسابقات الرياضيات أو لاعب الشطرنج مثلا، يكون الفارق الأساسي في طبيعة النشاط. الألعاب الرياضية بدنية في طبيعتها بالدرجة الأولى (رغم أن الجانب العقلي بالغ الأهمية) بينما تكون منافسات الرياضيات ولعبة الشطرنج ذهنية في المقام الأول. ويبدو أن هذا يوحي بوجود سبب وجيه للتمييز، إلا أن هذا الأمر يستوجب نقاشًا مستفيضًا.
يميل من يزعم أن الألعاب الإلكترونية رياضة وأن الرياضيين الإلكترونيين رياضيون حقًا إلى التركيز على أوجه الشبه بين الرياضات والألعاب الإلكترونية. واحد من التشابهات أن كليهما يتطلب مهارات وقدرات معينة.
ومن الواضح أن الألعاب الإلكترونية التنافسية تتطلب مهارات وقدرات بدنية. إذ يحتاج اللاعبون إلى ردود أفعال سريعة، والقدرة على اتخاذ قرارات تكتيكية واستراتيجية وهكذا. وثمة مهارات تمتلكها حالات نموذجية من الرياضيين، مثل لاعبي التنس ولاعبي البيسبول. إلا أنها مهارات وقدرات يمتلكها غير الرياضيين أيضًا. على سبيل المثال، يستخدم السائقون والطيارون ومشغلو الآلات الثقيلة هذه المهارات. من البديهي أنني لستُ رياضيًا لأنني أقود سيارتي بمهارة، ولذا فإن قدرتي على لعب Destiny بمهارة لا ينبغي أن تؤهلني لأكون رياضيًا.
إن تحديد الفرق لهو أمر صعب، ولكن ثمة اقتراحٌ منطقيٌّ و هو أنه في حالة الألعاب الرياضية، ينطوي تحت تطبيق المهارات في أهمية أكبر للجسد مقارنةً بقيادة السيارة أو ممارسة لعبة إلكترونية.
والمثال التوضيحي على ذلك هو مقارنة لعبة التنس الإلكترونية بممارسة التنس فعليًّا. تتطلب لعبة التنس الإلكترونية العديد من مهارات ردات الفعل السريعة لرياضة التنس، ولكن الفرق يكمن في أن اللاعب على أرض الواقع يلعب بكامل جسده عوض الضغط على الأزرار فحسب. أي ينبغي للاعب التنس الحقيقي أن يَجري، ويؤرجح ذراعه، ويجري للخلف وهكذا. أما في اللعبة، يمكنك فعل كل هذا بضغطة زر. ويبدو ذلك فارقًا مهمًا. وفي مقارنة أخرى، لننظر إلى شخص يرسم نقلًا عن صورة وآخر يستخدم مؤثرات الفوتوشوب ليحوّل الصورة إلى ما يشبه الرسمة. يتصرف الأول بصفته فنانًا بينما يضغط الثاني زرًا فحسب.
قد يعترض بعضهم بأن المهارة هي من تجعل اللاعبين رياضيين. وردًا على ذلك، يتطلب تشغيل المعدات الصناعية المعقدة، وبرمجة الحاسوب وغيرها مهارة أيضًا إلا أنني لن ألقِّب المبرمج بالرياضي. ولن أدعو جرّاحة بالرياضية بغض النظر عن المهارة اللازمة والتحديات التي تواجهها في محاولة إنقاذ حياة الآخرين.
بالعودة للحديث عن الألعاب، تتطلب الألعاب اللوحية مثل لعبة Star Fleet Battles أو ألعاب الطاولة الحربية التقليدية مهارات وتنطوي على المنافسة. كما تتطلب بعض الألعاب ردات فعل سريعة. ولكنني عندما أحرك سفينة Federation الحربية البلاستيكية على خريطة وأرمي حجرَ نردٍ ليقع على سفن حربية من نوع Klingon D7 بقذائف وهمية، يبدو أن هذا دليلًا على أن الأمر لا يجعلني رياضيًا. وحتى إن كنتُ بارعًا فيها وأتنافس في بطولة ما. وكذلك عندما أحرك محاربًا افتراضيًا في مسابقة ألعاب إلكترونية، أنا لستُ رياضيًا بل لاعبًا.
ولا أقول هذا للحط من شأن لعب الألعاب الإلكترونية، فأنا لاعب وآخذ اللعب على قدر الجدية التي أمارس فيها الجري. على العكس، كل ما في الأمر أنني أناقش ما هو جلي؛ أن الألعاب الإلكترونية ليست نشاطًا رياضيًا واللاعبين ليسوا رياضيين. هم لاعبون، ولا أرى سببًا يستدعي الإتيان بفئة جديدة تُدعى لاعبًا إلكترونيًّا. إلا أنني لا أرى إشكالًا في أن يحصل الناس على منح دراسية ليكونوا لاعبين جامعيين. كنت أود الحصول على منحة دراسية للعبة D&D أو لعبة Call of Cthulhu، وأرتدي السترة الرياضية بكل فخر أيضًا.
بقلم: مايكل لابوسيير| ترجمة: مريم الريامية| تدقيق الترجمة: عهود المخينية| المصدر