يقول خُبراءُ الصحة إنَّ فعالية لقاحات فيروس كورونا لن تقتصر على وقاية من يتلقاها من الإصابة به وحسب؛ إذْ يُسلِّم الباحثون بأن الإصابة بالعدوى بعد التحصين ستكون بكميات فيروسية أقل، وبالتالي انتشار الفيروس بكميات أقل كذلك. وهذا يعني بأن درجة الإصابة بعد تلقي اللقاح ستكون أخف كذلك.
ليس ثمة براهين كافية لإثبات صحة هذه الفرضية بعد؛ فالباحثون استندوا إلى ما رصدته الدراسات التي أُجرِيَت على الحيوانات، وعلى بحوث أوليَّة تُجرى على البشر.
إلا أن هذا لا يعني أن يكفَّ المحصَّنون عن الالتزام بالإجراءات الاحترازية؛ ارتداء الكمامات مثلا.
تقول مديرة مركزِ أبحاث الفيروسات في جامعة كاليفورنيا بإيرفاين، إلهام مسعودي: “حتى وإن تحصَّنتَ، وذهبت إلى الخارج، داوم على ارتداءِ الكمامة، إلى أن يتلقى عددٌ أكبر من الناس اللقاحَ”.
في حال أصبت بالعدوى بعد التحصين، هل ستكون بحِمل فيروسي أقل؟
يقول الخبراء بأنها نتيجة منطقية، لكنَّها غير مُثبتةٍ بعد. وعلى الرغم من عدم توفرِ معطياتٍ قاطِعة للإجابة على هذا السؤال تحديدًا، إلا أن أحدث الدراسات الأولية أوشكت أن تعثر على جواب. ففي دراسة نشرت حديثًا، وجدَ الباحثون إثرَ فحصهم لعيِّناتِ لُعابِ مصابين بفيروس كوفيد-19، بأنَّه كلما كان الحِملُ الفيروسي أكبر، كانت الحالة أخطر. إذن، من المعقول بأن العكس صحيح؛ ستكون درجة الإصابة أقل شدة إن تلقى الأشخاصُ كمياتٍ أقل من الفيروس حسبما قال بن نيومان، عالمُ الفيروسات بجامعة تكساس إي آند أم.
وفي دراسة أخرى، وجد باحثونَ بأن كميات فيروس كورونا الموجودة في دمِ المصابين بالعدوى بعد تلقي اللقاح أقل من غيرهم، وهو ما أفسح لهم المجال للوصول إلى خلاصة مفادها بأن فرص نقلِ هؤلاء للعدوى أقل من غيرهم ممن تلقُّوا علاجات وهمية.
ومع ذلك، يقول ستيوارت راي وهو أستاذ طب بقسم الأمراض المعدية بجامعة جونز هوبكنز: “لا أظن بأن لدينا معلومات منتظمة عن اللقاحات لنتأكد ما إذا كانت مستويات كمياتِ الفيروس بها أقل”.
عدا أن ثمة دليل أيضًا لنشير إلى إمكانيةِ أن تقيَ اللقاحاتُ من إصابة الناسِ بفيروس كورونا تمامًا؛ فقد وجدت دراسة تجريبية تابعة لشركة موديرنا دليلًا موقتًا على احتمالية أن يقيَ اللقاحُ من الإصابة ببعضِ الحالات التي لا تظهر معها أي أعراض. وخلصت دراسة أخرى إلى أن لقاح فايزر حال دون انتشارِ الفيروس بين الحيوانات على حدِّ قول الرئيس التنفيذي للشركة. وهذا أمر نرجوه، إلا أنه غيرُ مثبتٍ علميا بعد فيما يخص الإصابات البشرية.
هل هذا يعني أن انتقال العدوى مني إلى الآخرين سيكون بكميات فيروسية أقل؟
يقول راي إن بإمكان الباحثين الاستدلال على احتماليةِ أن تقلَّ فرص انتقالِ العدوى ممن أصيبوا بها عقب تلقي اللقاح إلى غيرهم و”ذلك لأنَّهم محصنون جزئيا على الأقل، ولذا هم ينشرون العدوى بكميات فيروسية أقل”.
ثم أردف: ” على أننا بحاجة إلى إجراء فحص كميات الفيروس في الدم وقد تعذر علينا ذلك”.
هل هذا يعني أيضًا بأني لن أشكِّل خطرًا على من أخالطهم؟
الجواب مرة أخرى: ربما! ولكن تعوزنا البيانات. حين يتعلق الأمر بالحيوانات فالجواب هو “نعم”؛ إذ يقول نيومان عالم الفيروسات بجامعة تكساس إي آند أم إن تعريض الحيوانات لكميات قليلة من أيِّ فيروس، ويشمل ذلك فيروس كورونا، لا يؤدي إلى تفشي العدوى بينها؛ أي أنَّها غير كافيةٍ لإصابتها.
لكن “تنجم إصاباتٌ أكثر عن وضع كميات أكبر من الفيروس تترواح بين الخفيفةِ والمتوسطة والخطيرة ويعتمد ذلك على المقدار الذي تضعه لها، وعلى النموذج الحيواني الذي تخضعه للتجربة، والمدخل الذي نفذ الفيروس منه إلى الجسم”. وعليه، قد ينطبق هذا على البشر كذلك حسبما أشار الباحثون.
لم تصعب الإجابة عن هذه الأسئلة؟
لأن وكما يقول نيومان، لإثبات هذه الآراء ينبغي أن تطبقّ هذه التجارب على البشر، ويتضمن ذلك “تعمُّد نشرِ الفيروس بين الناس بكميات متفاوتة” وهذا لا أخلاقي قطعًا. “إلا أن لدينا الكثير من المعلومات المأخوذة من التجارب المطبقة على الحيوانات، والتي أظن بأنها تشير إلى الجواب الذي نسعى وراءه”.
بقلم: ليندزي بيفر | ترجمة: آلاء الراشدية | تدقيق: د. عبد الجبار الشرفي | المصدر