دماغك تحت تأثير الشوكولاتة!

هل تعلم أن الأماكن التي تُستهلك فيها الشوكولاتة بكميات كبيرة هي أكثر الأماكن التي ينحدر منها الحائزون على جوائز نوبل؟ قد يبدو ذلك صحيحا على الأقل بحسب دراسة نُشرت في مجلة نيو-إنجلاند الطبية في عام 2012 م. حسنا، قد تكون هذه مجرد مصادفة ، ولكن هل يعقل أن استهلاك الشوكولاتة يحسن النشاط الذهني؟ إليك هنا قراءة جديدة تلخص ما أُثبت في هذا السياق، وتخلص القراءة إلى جواب نهائي وهو: “ربما ” !!

تناول الشوكولاتة يُبقي الدماغ سليما

حينما يتعلق الموضوع بالحفاظ على الدماغ و تحسين وظائفه ،فيجب علينا أن نكون واقعيين ونواجه الأمر؛  سنحتاج حقا كل ما يمكن فعله لإنقاذه!

فمع تقدم السن تصبح الأمراض التي تؤدي إلى العته والأمراض العقلية أكثر شيوعا كالجلطات ومرض الزهايمر ومرض باركنسون. وبما أن أعداد كبار السن كبيرة فهذا مؤشر على أن العته سيصبح أكثر انتشارا في المستقبل القريب. وعلى الرغم من صرف الكثير من الجهد على الأبحاث على مدى عقود، فإنه حتى الآن لا يوجد علاجات فعالة لحالة العته.

وقائيا، يوصي الأطباء بالتمارين المنتظمة، إضافة إلى اتباع حمية غذائية صحية والحفاظ على الحدود الطبيعية لضغط الدم ، وكذلك تجنب التدخين وشرب الكحول باعتدال. إن ما يدعى بـ “تمارين الدماغ” كالتنافس على حل المسائل الرياضية الصعبة أو ألعاب الكلمات وشبيهاتها لم يثبت عنها إنها تحمي وظائف الدماغ على المدى الطويل فضلا عن التراجع في الإدراك.

في حين أن بعض الدراسات تشير إلى أن مضادات الأكسدة بما فيها زيت السمك والمنشطات كالكافيين والأصناف الأخرى من الأطعمة التي يعتقد أنها تحسّن وظائف الدماغ وتمنع العته لم يثبت عنها بشكل قاطع أنها قادرة على فعل ذلك بحسب الدراسات.

ما الجديد والمثير في أبحاث الشوكولاتة والدماغ؟

تقرير جديد نشر في مايو 2017 في أحد أعداد مجلة “فرونتيرز إن نيوترشن” قام بمناقشة ما تم التوصل إليه حتى الآن من حيث أن الفلافانول (الذي يوجد في الشوكولاتة الداكنة والكاكاو من بين الأغذية الأخرى) قد يحسن وظائف الدماغ البشري. ان الفلافونول هو أحد اشكال الفلافونيد، وهي مادة من أصل نباتي ذات تأثير مضاد للالتهابات والآثار التي تنتج من مضادات الأكسدة. وهنا عينة من النتائج التي تم التوصل إليها:

في نهاية التقرير, أشار الكاتبان إلى أن الموضوع يحتاج إلى أبحاث أكثر بما ان النتائج الأولية كانت مشجعة ومثيرة للاهتمام. كما أن معظم الدراسات التي أجريت حتى الآن كانت مصغرة ، وكثير منها يتجاهل عامل “التوهم” عند المشمولين بالبحث والذي يؤثر على نتائج الدراسة. أضف الى ذلك أن هذه الدراسات لم تأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى من الممكن أن تؤثر على وظائف الدماغ (كالمشاكل الطبية، استخدام الأدوية و الوظائف الإدراكية الأساسية).

هل من مصادر أخرى للفلافونول؟

ليست الشوكولاتة الداكنة والكاكاو هي مصادر الفلافونول الوحيدة. العديد من الفواكه والخضار غنية جدا بالفلافونول، كالتفاح والعنب الأحمر و البروكلي و الكرز و الفاصوليا والطماطم الكرزية واللفت والبصل. فهي لا تبدو صدفةً، بأن كل برنامج غذائي ناجح يتكون من الخضروات والفواكه وبالتالي الحصول على حصة عالية من الفلافونول. على كل حال، لم تُجرَِ دراسات بعد لبحث العلاقة بين أصناف محددة من الفواكه والخضروات وبين استهلاك الفلافونول ووظائف الدماغ.

كلمة أخيرة

من الأشياء التي لفتت النظر في هذا البحث أن الشوكولاتة ليس جميعها بنفس المفعول. الشوكولاتة الداكنة تحتوي مستويات أعلى من الفلافونات بينما شوكولاتة الحليب البيضاء تحتوي على مستويات أقل. علاوة على ذلك، كثير من أنواع الشوكولاتة تحتوي على معدلات عالية من السكريات والدهون والسعرات الحرارية، ولهذا السبب ينصح الأطباء بالاكتفاء بلوح واحد يوميا من الشوكولاته رغم الفوائد الجيدة للشوكولاته الداكنة.

أعرف الكثير من الناس الذين هم على استعداد لتقبل أي معلومة حول مدى صحية الشوكولاتة (فقط لتبرير استهلاكهم العالي من الشوكولاته). ولكن الأمر بالنسبة لي يتطلب أكثر من مجرد الدليل الذي بحوزتنا اليوم للوصول لقناعة أن الشوكولاتة أو الفلافونات تحمي وتحسن وظائف الدماغ. ومن المحتمل أيضا أن الاستهلاك العالي قد يضر بالدماغ أكثر مما يفيده. وفيما يتعلق بالربط ما بين الحائزين على جوائز النوبل والدول ذات الاستهلاك العالي للشوكولاته ما الذي يمكن قوله؟

لا استطيع أن أثبت ذلك ، ولكن أشك بأنه يمكن أن تزيد فرص حصولك على جائزة نوبل لمجرد أن تزيد من جرعة الشوكولاتة.

 

بقلم : د.روبرت إتش شيميرلنغ | المصدر

Exit mobile version