مراجعة | قلق السعي إلى المكانة لـ آلان دو بوتون

يتحدث دو بوتون في كتابه “قلق السعي إلى المكانة” عن الشعور الذي يعتري الإنسان للحصول على التقدير والمحبة من قِبل المحيطين به وأسباب هذا القلق وحلوله ، يتكون الكتاب من 312 صفحة وصدر عن دار التنوير بترجمة محمد عبد النبي.


الكتاب مقسم إلى جزئين، الأول وهو (الأسباب) و يتكون من الفصول التالية: افتقاد الحب، الغطرسة، التطلّع، الكفاءة، والاعتماد. أما في الجزء الثاني يتطرق المؤلف إلى (الحلول) ويقسمها إلى: الفلسفة، الفن، السياسة، الدين، والبوهيمية.


يسترسل دو بوتون في أفكاره بسهولة ورقّة ليواسينا بأننا لسنا وحدنا من نقلق و نفكر ونشعر بالأسى حيال مكانتنا في خارطة الحياة والمجتمع وما إذا كنا مُلاحظين أم لا ، ويقول أن هنالك آخرون مثلنا تماماً يعانون في هذا العالم، ولعل هذا القلق هو ما يحبط أكثر رغباتنا ويمنعنا من التقدم خشية أن لا نلاقي الاستحسان ويُعيّشنا في عجز داخلي وعذاب نفسي، بينما ننتعش ونُزهر إذا ما شعرنا أن هنالك من يعرفنا ويتطلع لأفكارنا وأعمالنا وحتى صحبتنا أو إذا لم نقلق من الأساس.


يقول دو بوتون: “يُعد اهتمام الآخرين مهماً لنا لأننا بحكم طبيعتنا مُبتلون بانعدام يقين نحو قيمتنا الخاصة، ونتيجة لهذه البلوى فإننا ندع تقييمات الآخر تلعب دوراً حاسماً في الطريقة التي نرى بها أنفسنا. إن إحساسنا بالهوية أسير في قبضة أحكام من نعيش بينهم.” ، لذلك قد نكون سعداء بالقليل طالما أننا لا نعلم أن هنالك الكثير، وإن أبرز سمات الصراع لتحقيق المكانة هي الريبة وانعدام اليقين.


وكعادة المؤلف الذي يهدف لجعل الفلسفة ذات صلة بالحياة اليومية فهو يضعها أحد الحلول لمواجهة هذا القلق: “نصحنا الفلاسفة باستغلال ملكاتنا العقلية لتوجيه سهام العواطف نحو الأهداف المناسبة، سائلين أنفسنا هل ما نرغب فيه هو نفسه ما نحتاج حقاً إليه، وهل ما نخشاه هو ما يدعو للخوف حقاً”. وهذا ما قد يهوّن قلقنا بشأن المكانة ويخفف من رغبتنا المنهكة في التأكد من أن الآخرين يروننا بعين الرضا. وينصحنا دو بوتون كذلك باللجوء إلى الفن للاحتجاج على الحياة ومشاركة الألم و استخدامه كحافز على الإصلاح. ويؤكد دو بوتون على أن الحياة بحد ذاتها ثروة بكل ما تنطوي عليه من قدرات على الحب والمسّرة والإعجاب.


“قلق المكانة هو الثمن الذي ندفعه مقابل إدراكنا أن ثمة تمييز متفق عليه بين حياة ناجحة وأخرى غير ذلك.”، لذلك لابد أن نخاف حتى نمتلك طموحات ولابد من أن نمتلك شيئاً من رهافة الحس حتى نُنجز ولا نفشل وأننا مهما عانينا من النسيان والتجاهل فإننا يمكن أن نجد العزاء في أن آمالنا جميعاً ستنتهي إلى التراب وأن الله هو جواب كل الأسئلة التي قد تجول في خاطرنا عن العدالة.

كتاب يستحق القراءة فعلاً.

Exit mobile version