عنوان الكتاب | الحزن الخبيث .. تشريح الاكتئاب
مؤلف الكتاب | لويس ولبرت
ترجمة |عبلة عودة
دار النشر | مشروع كلمة للترجمة
رقم الطبعة | الأولى
سنة الطباعة | 2014
عندما تقرأ عنوان الكتاب قد يوحي لك للوهلة الأولى بأنه سيقدم لك محتوى أدبيا، وهو ما توحي به مفردة (الحزن) غالبا، إلا أن الكتاب في الواقع يقدم عرضا متكاملا عن الاكتئاب، ويحاول الكاتب من خلال الجزء الأول من العنوان (الحزن الخبيث) الإشارة إلى خطورة المرض الذي تشبه خطورة مرض السرطان بانقسام الخلايا السرطانية وانتشاره سريعا في الجسم، ينتشر تأثير الاكتئاب على جميع جوانب حياة المصاب بما في ذلك صحته الجسدية. ويشير الكاتب في الجزء الثاني من العنوان (تشريح الاكتئاب) إلى تناوله لموضوع الاكتئاب في بعض أجزائه متبعا أسلوبا علميا ومنهجيا في عرضه.
يقدم ولبرت الكتاب باستعراض تجربته الشخصية مع مرض الاكتئاب التي يصفها بأنها أسوأ تجربة في حياته ” كانت تلك أسوأ تجربة في حياتي، وربما أسوأ من مأساة وفاة زوجتي بمرض السرطان ، وكم يخجلني الاعتراف أن تجربتي مع الاكتئاب كانت أسوأ من مشاهدة زوجتي تموت بالسرطان، لكنها الحقيقة التي لا يمكن إنكارها” ص 21. أعلن ولبرت عن إصابته بالاكتئاب من خلال نشره لمقالة حول الموضوع في إحدى الصحف، قبل كتابته للكتاب، الأمر الذي عده الناس جرأة كبيرة هنّأه عليها الكثير من الأطباء والمرضى والأشخاص الذين كانوا يتعاملون مع مرضى الاكتئاب، إذ يعد الاكتئاب في نظر الكثيرين وصمة عار ترادف كل ما هو مشين اجتماعيا، وهو ما دفع ولبرت ليكتب هذا الكتاب ليسجل فيه كل ما هو معروف ومعتمد عن المرض بالإضافة إلى تجربته الشخصية لمساعدة من يعايشون مريضا بالاكتئاب ولا يفهمون طبيعة معاناته، ومساعدة المصابين بالاكتئاب لفهم ما يحدث لهم، ولمحاولة محو الوصمة المجتمعية التي تلاحق مرض الاكتئاب.
يتناول ولبرت موضوع الاكتئاب في اثنى عشر فصلا، حيث يبدأ الكتاب باستعراض تجربة الاكتئاب في الماضي والحاضر، مفرقا بداية بين الاكتئاب الحاد أو الاكتئاب السريري والاكتئاب اليومي أو كما يسميه (اكتئاب المزاج اليومي)، كما يتطرق لمصطلح الاكتئاب ومرادفاته والمفردات المستخدمة تاريخيا للإشارة إليه، وتاريخ الاكتئاب، وكيف تعاملت الثقافات المختلفة عبر مختلف الأزمان مع هذا المرض. وكيف عبّر الأدباء والشعراء عن الاكتئاب في رواياتهم وقصائدهم. ثم يتطرق بشكل منهجي إلى تعريف الاكتئاب وتشخيصه وأعراضه وأنواعه، مجيبا على مجموعة من التساؤلات المثارة حوله، ومتطرقا إلى مسيرة المرض طبيا وعلميا. وينظر في مشكلة التشخيص في الغرب وفي الثقافات الأخرى مجيبا على عدة تساؤلات أهمها : هل الاكتئاب مرض عالمي؟ وهل تلعب التأثيرات الثقافية دورا رئيسيا في انتشاره؟ ثم يستكشف العوامل التي قد تعرِض أشخاصا بعينهم للاكتئاب، ويتعرّض بشكل مفصّل إلى (الانتحار) وهو النتيجة المأساوية للاكتئاب، ثم بنتقل في الفصول الأخيرة إلى مناقشة النظريات النفسية والبيولوجية التي تعرّضت لتفسير الاكتئاب، ثم يتبع ذلك بعرض لوسائل العلاج من أدوية وعلاج نفسي، وينظر ختاما لمستقبل الاكتئاب من جانب التقدم العلمي وطرق الوقاية.
إن ما يميز هذا الكتاب في تناوله لموضوع الاكتئاب ليس استعراضه التاريخي والعلمي للمرض فقط، وإنما تجربة الكاتب الشخصية مع المرض التي تساعدك على فهم الاكتئاب بشكل أوضح وبصورة أقرب، وهو الأمر الذي ساعد على اتسام عرض الكاتب بالسلاسة والوضوح، فهو من خلال الكتاب كان يسعى أيضا بشكل شخصي إلى فهم طبيعة المرض أكثر، ورغم كل تلك الدراسات العلمية التي يستعرضها ومسيرة المرض التاريخية والطبية فإن هذا الكتاب لن يوصلك إلى فهم دقيق لمرض الاكتئاب، وهو ما أكد عليه ولبرت في مقدمة الكتاب بأن حتى الأطباء النفسيين لا يفهمون حقيقية مرض الاكتئاب، وهو يحاول أن يشير بذلك أن فهم حقيقة المرض مرتبطة كثيرا بتجربة المصاب به نفسه، بالرغم من أن الكاتب في تجربته الثانية مع عودة الاكتئاب لم يستطع أن يتعرف على مرضه وهل هو مصاب بالاكتئاب من جديد أم لا؟ وكيف يتعامل معه لدرجة أن أحد أصحابه نصحه بقراءة كتابه من جديد.