أميلُ عليكُم خُذونِي
أُشيرُ إليكُم خَرَجْتْ
أنا بِنتُ هذي العواصِف
تَسْتَقْطِبُ الصُّورةَ الخالِدَةْ
فَفِيها وُلِدْتُ وفيها نَموتُ وفيها كَبُرْتْ
ودُرْتُ بِمُنْتَصَفِي بِذَرَّةٍ واحِدَة
وفيها بَعُدْتُ عنِ الجُّرْفِ حتى اسْتَدَرْتْ
أُشِيرُ إِلَيكُم خَرَجْتْ
أنا أَخْرُجُ الآنَ مِنْ جَسَدِي
فَهَلْ تُدْرِكُونَ الذي خَرَجَ الأَمْسَ مِنْ جَسَدِ المَاءْ
لُؤْلُؤَةً مِنْ مَحَارٍ
نَقِيًّا كبِلَّوْرَةٍ في المَسَاءْ
أَبِيًّا وَحِيدًا
فَلَا الأرْضُ فِيهِ اِسْتَطَالَتْ
وَلَا هُوَ فِيهَا اِسْتَطَالْ
وَذَاكَ السَّعِيرُ الَّذِي يَرْبِطُ القَلْبَ بِالقَلْبِ
ظَلَّ دَلِيلِي
تَوَثَّبْتُ فِيهْ.. وَنَاضَلْتُ فِيهْ
فَهَزُّوهُ هَزُّوهُ حَتَى التَّذَكُّرْ
كَيْ يَتَّقِدَ الجَمْرُ بِالحُبِّ
ويَشْتَعِلَ الدَّمُ في الوَطَنِ العَرَبِيّ
على الدَّرْبِ كُنَّا يَدَيْنْ
تَهُبَّانِ مِنْ جَسَدٍ وَاحِدْ
وفي الأُفْقِ كُنَّا جَنَاحَيْنِ
في طَائِرٍ وَاحِدْ
بَرِيقُ العُيُونِ دَلِيلِي
تَذَكَّرْتُ أَنَّ طَرِيقِي مُقَارَعَةَ الصَّمْتِ بِالصَّوتْ
والموتَ بِالبَعْثْ
ورَسْمَ نُجُومِ الثُّرَيَّا على الدَّرْبْ
أنا هَاجِسِي النُّورُ في الظُلُمَاتْ
تَذَكَّرْتُ لَمْ تَسْتَكِنِ الرِّيحُ بِجِسْمِي
ولَمْ أَسْتَكِنْ بِها
طَرِيقِي التَّوَثُبْ
أنا بِنْتُ هذِي العَواصِفِ أَدْمَنْتُ كُلَّ
العَذَابَاتِ
أَمْ أَنَّها أَدْمَنَتْنِي
وَتِشْرِينُ يَنْصِبُ شَوْكَتَهُ في العُيُونْ
وفي اللَّيْلِ عِنْدَ السُّهَادِ أَسَىً
وضَرْبَةَ عُنْفْ
فلا تَسْأَلُونِي
لأَنَّا بِصَفَّيْنِ نَمْضِي إلى مَصْدَرِ النَّارْ
كِلانَا يَسِيرُ إلى الوَهَجِ مِثْلَ الفَرَاشْ
وفي الوَهَجِ كُنَّا نَمُوتْ
اِحْتَرَقْتْ
اِحْتَرَقْنَا جَنَاحَيْنِ في جَسَدٍ وَاحِدْ
فإِنَّ الذي كانْ.. تَارِيخُنَا
وإنَّ الذي كانَ تَارِيخُهُ أَمَلَ البَائِسِينَ
يَشُدُّ المُحِيطَيْنِ لِلنّّهْرْ
لا تَسْأَلُونِي
فَلاَ المُاءُ كَانَ بِلا ذَرَّتَيْنْ
ولا النهرُ يَسْعَى بِلا ضِفَّتَيْنْ
أَمِيلُ اِسْتَقَامَتْ حَصَاةُ الطَّرِيقْ
فَهَلْ أَسْكُنُ الآَنَ في جَسَدِي؟